أعلى الله مقامه بعد الفراغ عن التكلم فيما نسب إلى بعض المنكرين للحقيقة الشرعية القائل بان الشارع لم يستعمل تلك الألفاظ في المعاني المخترعة بل استعملها في المعاني اللغوية والزوائد شروط لصحة العبادة وهو الباقلاني على الظاهر وان لم يصرح باسمه (ما لفظه) ثم بعد القول ببطلان مذهب هذا النافي والبناء على المشهور من كون تلك العبادات ماهيات محدثة فهل يجوز إجراء أصل العدم فيها بمعنى انا إذا شككنا في كون شيء جزءا لها أو شرطا لصحتها فهل يمكن نفيه بأصالة العدم أو لا بد من الإتيان بما يوجب اليقين بحصول الماهية في الخارج فيه خلاف ولا بد في تحقيق ذلك من تمهيد مقدمة وهي أنهم اختلفوا في كون العبادات أسامي للصحيحة أو للأعم منها (إلى أن قال) والثمرة في هذا النزاع يظهر فيما لم يعلم فساده فهل يحصل الامتثال بمجرد عدم العلم بالفساد لصدق الماهية عليها أو لا بد من العلم بالصحة فمع الشك في مدخلية شيء في تلك الماهية جزءا كان أو شرطا فلا يحكم بمجرد فقدان ذلك بالبطلان على الثاني بخلاف الأول للشك في الصحة (انتهى) ثم إنه رحمه الله بعد ما اختار كونها أسامي للأعم واستدل له بأدلة ومؤيدات قد أطال الكلام في تقريب إجراء أصل العدم يعنى به البراءة في ماهية العبادات (وحاصل) إبطال المصنف لهذه الثمرة بتوضيح منا أن الرجوع إلى البراءة والاشتغال في دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطين هي مسألة أخرى غير مربوطة بمسألة الصحيح والأعم فمن الممكن أن يلتزم في المقام بالصحيح ويلتزم هناك بالبراءة كما فعل المشهور لانحلال العلم الإجمالي على التقريب الآتي في محله كما أنه من الممكن أن يلتزم في المقام بالأعم ويلتزم هناك بالاشتغال اما لعدم انحلال العلم الإجمالي أو لعدم العلم بحصول الغرض الداعي إلى الأمر أو لغير ذلك من الجهات التي سيأتي شرحها في محلها إن شاء الله تعالى فانتظر.
(٨٢)