شرط الأمر بعد التأمل في كلماتهم نقضا وإبراما هو خصوص القدرة والتمكن من المأمور به أي هل يجوز أمر الآمر مع علمه بانتفاء قدرة المكلف على الفعل أم لا وليس المراد هو مطلق شرط الوجوب كالوقت بالنسبة إلى الصلاة ونحوها (ثم ان) القائل بالجواز كما عرفت من عبارة المعالم هو أكثر مخالفينا وقد صرح المحقق صاحب الحاشية بأنهم الأشاعرة وقال في القوانين انهم جمهور العامة والقائل بعدم الجواز أصحابنا رضوان الله عليهم (قال في المعالم) وشرط أصحابنا في جوازه مع انتفاء الشرط كون الآمر جاهلا بالانتفاء كأن يأمر السيد عبده بالفعل في غد مثلا ويتفق موته قبله فان الأمر هنا جائز باعتبار عدم العلم بانتفاء الشرط ويكون مشروطا ببقاء العبد إلى الوقت المعين واما مع علم الآمر كأمر الله تعالى زيدا بصوم غد وهو يعلم موته فيه فليس بجائز وهو الحق (انتهى).
(أقول) نعم الحق هو ما ذهب إليه الأصحاب من عدم الجواز ولكن الكلام في تعيين معنى عدم الجواز (فهل هو) بمعنى انه قبيح عقلا مع إمكانه ذاتا وان استحيل صدوره من الحكيم عرضا نظير صدور الظلم منه كما هو ظاهر المحقق القمي حيث استدل على عدم الجواز بكونه تكليفا بما لا يطاق (أم هو) محال ذاتا كاجتماع الضدين أو ارتفاع المتناقضين كما يظهر ذلك من المصنف حيث استدل على عدم الجواز بكون الشرط من أجزاء علة الأمر ولا يكاد يكون الشيء مع عدم علته (وان كان هذا الاستدلال) مما لا يخلو عن مناقشة فان الشيء وإن لم يكن مع عدم علته ولكن الكلام في أن الشرط في المقام أي القدرة هل هو شرط وجود الأمر كي ينتفي وجوده بانتفاء وجوده أو هو شرط صحته وعدم قبحه كي لا ينتفي وجوده بانتفاء وجوده وإن انتفت صحته وعدم قبحه ومن المعلوم ان المصنف لم يقم برهانا على كون القدرة شرطا