(أقول) أما تخلص المحقق صاحب الحاشية (ففيه ما لا يخفى) فان الوجوب النفسي لتلك المقدمات بعيد جدا بل من المقطوع خلافه (وأما تخلص الفصول) فهو وجه وجيه وقد تقدم منا شرحه وتفصيله ولكن التفصي مما لا ينحصر به وذلك لما مر عليك آنفا من المصنف من إمكان فرض الواجب مشروطا بشرط متأخر مفروض الحصول في موطنه مع كون الواجب متأخرا أيضا كالشرط فعند ذلك يكون الوجوب حاليا وتجب المقدمات الوجودية من قبل مجيء وقت الواجب (هذا وفي التخلص عن العويصة المذكورة وجه آخر) غير ما ذكره الفصول وغير ما ذكره المصنف ولعله أوجه من الكل وهو أنه إذا علم المكلف في الواجب المشروط أو الموقت بان الشرط سيحصل أو الوقت سيدخل وعلم أيضا أنه لا قدرة له على الواجب بعد حصول شرطه أو بعد دخول وقته فالعقل مما يستقل من الآن بوجوب حفظ القدرة على الواجب في موطنه فإذا احتاج الواجب إلى مقدمات لانتهيا في وقته فمن الآن يجب تحصيلها وان كانت حاصلة محققة فلا يجوز له تفويتها فإذا قال مثلا إن جاءك الأمير يوم الجمعة فأكرمه ونحن في يوم الخميس قد علمنا بمجيئه غدا وفرضنا أن لإكرامه في الغد مقدمات طويلة لا تتهيأ بعد مجيئه فمن الآن يستقل العقل بتحصيلها وان كانت حاصلة فلا يجوز لنا تفويتها بل يجب التحفظ عليها مهما أمكن لئلا يفوت الواجب في محله (والسر) في ذلك كله هو عدم دخل القدرة في مناط الواجب فإذا حصل الشرط أو دخل الوقت تم المناط فإذا عجز المكلف عن إتيان الواجب فقد فاته الملاك وهو مما لا يجوزه العقل ولا يسوغه إذا كان ذلك بسوء اختيار المكلف وبتقصير منه ومسامحته (وبالجملة) يعتبر في حكم العقل بوجوب تحصيل المقدمات والتحفظ عليها من الآن أي من قبل حصول الشرط أو دخول لوقت أمران.
(٣٢٩)