الشارع لم يعتبره بل اتكل في اعتباره على حكم العقل (وأما ما تقدم) من قوله تعالى وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين أو قوله تعالى في سورة الزمر قل انى أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين أو قول أمير المؤمنين عليه السلام وبالإخلاص يكون الخلاص أو ما في بعض الأخبار من أنه قال الله عز وجل أنا خير شريك من أشرك معي غيري في عمل لم أقبله الا ما كان لي خالصا إلى غير ذلك مما ذكرناه في الفقه في نية الوضوء من كتابنا الموسوم بالفروع المهمة في أحكام الأمة فهو دليل على اعتبار الإخلاص في العبادات وهو كما حققناه هناك غير قصد القربة بل هو أخص منه وأضيق ونحن كلامنا هنا في اعتبار قصد القربة بنفسها (ثم ان) من جميع ما ذكر إلى هنا يظهر لك ما في تعبير المصنف قدس سره أعني قوله إن التقرب المعتبر في التعبدي ان كان بمعنى قصد الامتثال والإتيان بالواجب بداعي أمره كان مما يعتبر في الطاعة عقلا... إلخ فان ظاهره أن التقرب على خصوص هذا التقدير هو مما يعتبر في الطاعة عقلا لا مطلقا مع أن المقصود ليس كذلك بل المقصود أن قصد القربة مطلقا سواء كان بمعنى قصد الامتثال والإتيان بالواجب بداعي أمره أو كان بمعنى الإتيان بالفعل بداعي حسنه ونحوه هو مما يعتبر في الطاعة عقلا بالتقريب الذي ذكرناه وبيناه فتدبره جيدا.
(قوله وذلك لاستحالة أخذ ما لا يكاد يتأتى إلا من قبل الأمر بشيء في متعلق ذاك الأمر مطلقا شرطا أو شطرا فما لم تكن نفس الصلاة متعلقة للأمر لا يكاد يمكن إتيانها بقصد امتثال أمرها... إلخ) هذا وجه لعدم إمكان اعتبار التقرب بمعنى قصد الامتثال والإتيان بالواجب بداعي أمره في العبادات شرطا أو شطرا (وبعبارة أخرى) وجه لعدم إمكان الأمر بإتيان العمل بداعي الأمر (وحاصل الوجه) أن إتيان العمل بداعي أمره غير مقدور