عناية الأصول في شرح كفاية الأصول - السيد مرتضى الحسيني اليزدي الفيروز آبادي - ج ١ - الصفحة ٢١٣
بدواعي أخر لا بداعي التقرب به إلى المولى حصل منه الغرض وسقط به الأمر وان لم يحصل به القرب والثواب أصلا وهذا كما في دفن الميت وكفنه وتوجيهه إلى القبلة والإنفاق على الزوجة وصلة الرحم وهكذا ويسمى هذا القسم من الواجب بالتوصلي أي ما لا يتوقف حصول الغرض منه وسقوط أمره على الإتيان به على وجه التقرب به إلى المولى وان توقف الأجر والثواب على الإتيان به كذلك (ثم ان الميز) بين هذين القسمين واضح ظاهر غالبا يعرفه العرف نوعا بمجرد النظر إلى الواجب والتأمل في كيفيته وسياقه فمن كان أجنبيا عن ديننا إذا نظر إلى صلاتنا وصيامنا وطوافنا حول البيت ونحو ذلك من العبادات عرف أن هذا كله عبادات الإسلام شرعت لأجل التقرب بها إلى الله تعالى وإذا نظر إلى دفن الميت أو كفنه أو صلة الرحم ونحو ذلك من التوصليات عرف أن هذا كله واجبات لمصالح فيها بنظر شارعنا وليس الغرض من تأسيسها مجرد التقرب بها إلى الله تعالى وهكذا الحال إذا نظرنا نحن إلى أديان الأجانب فنعرف عباداتهم من غير عباداتهم وهذا ظاهر واضح كما أشرنا (نعم قد يشتبه) الأمر علينا ويردد الواجب كالعتق مثلا بين كونه تعبديا يعتبر فيه قصد القربة أو توصليا لا يعتبر فيه ذلك فيقع الكلام حينئذ في أن الأصل اللفظي هل هو يقتضى التوصلية كي يؤخذ به عند الشك أو التعبدية أو الأصل لا يقتضى شيئا منهما فلا بد من الرجوع إلى الأصل العملي فيه خلاف بين الأعلام (ثم ان القائلين) بأصالة التوصلية بين من يقول بها من جهة إطلاق الصيغة ولعله المشهور بينهم فكما أنه إذا شك في اعتبار جزء أو شرط في المأمور به صح التمسك بإطلاقها لرفعه فكذلك إذا شك في اعتبار قصد القربة فيه صح التمسك بإطلاقها لدفعه وبين من يقول بها من جهة ظهور نفس الأمر في التوصلية كما اختاره صاحب التقريرات نظرا إلى أن مفاد الهيئة
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»