الخلاف المعروف في الكلام النفسي وذلك شعبة من شعبه بمعنى ان كل من قال بثبوت الكلام النفسي قال ان الطلب غير الإرادة وكل من أنكره يلزمه القول بأنه عين الإرادة ولا يخفى ذلك على من له خبرة وبصيرة في كلماتهم بل المتتبع في عبائرهم يجد ذلك من كلماتهم تصريحا تلويحا (وقال في النسخة الأولى) من نسختي الأوامر ما هذا لفظه ان هذه المسألة من جزئيات البحث في الكلام النفسي وتوضيح القول فيه هو ان الأشاعرة زعموا ان الكلام مشترك بين الألفاظ الخبرية والإنشائية وبين ما يدل عليه تلك الألفاظ فقالوا ان الكلام لفظي ونفسي واللفظي هي الألفاظ الصادرة من المتكلم في مقام الاخبار عن شيء أو إنشاء شيء والنفسي هي النسب الخبرية والإنشائية القائمة بالنفس التي يكشف عنها الألفاظ بحسب الأوضاع اللغوية وفسروا تلك النسبة في الخبر بأمر وراء علم المتكلم بمضمون القضية اللفظية (إلى أن قال) وفي الإنشاء بأمر وراء الإرادة وسموه بالطلب واقتضاء الفعل فالطلب عندهم مغاير للإرادة المدلول عليها بلفظ الأمر أو بصيغة (انتهى موضع الحاجة من كلامه) رفع مقامه.
(أقول) وملخص كلام الأشاعرة القائلين بالكلام النفسي أن في الجمل الخبرية تكون صفة أخرى قائمة بالنفس ما وراء العلم هي كلام نفسي وفي الجمل الطلبية تكون صفة أخرى قائمة بالنفس غير الإرادة هي أيضا كلام نفسي وتسمى بالطلب وفي ساير الجمل الإنشائية تكون صفة أخرى قائمة بالنفس غير التمني والترجي والاستفهام هي أيضا كلام نفسي (وقد أجاب عنهم المصنف) مما محصله أن الإنسان بعد مراجعة وجدانه لا يجد في الجمل الطلبية صفة أخرى في النفس غير الإرادة تكون هي الطلب والكلام النفسي وهكذا لا يجد في ساير الجمل الإنشائية والخبرية غير تلك الصفات المشهورة من التمني والترجي