الموضوع في استصحاب الحكم، فقسموه إلى موضوع عقلي ودليلي وعرفي.
بيان ذلك انهم اشترطوا في جواز اجراء استصحاب الحكم احراز بقاء الموضوع فيلزم في استصحاب كرية الماء احراز بقاء نفس الماء، ومع القطع بعدم البقاء أو الشك فيه لا يجوز اجراء استصحاب الكرية، ثم إن تشخيص موضوعات الاحكام وتمييز الأوصاف الدخيلة فيها عن غيرها يختلف باختلاف الانظار، أعني نظر العقل المبنى على الدقة، ونظر العرف بما يفهمون الموضوع من ظاهر الدليل، ونظرهم بعد ملاحظة القرائن والمناسبات المغروسة في أذهانهم لدى ترتب الاحكام على الموضوعات، ففي موارد الشك في بقاء الموضوع قد لا يكون باقيا بنظر العقل ولو من جهة انتفاء ما له دخل في موضوعيته، لكنه باق بنظر غيره، فإذا اخذ مقدار من ما كر ثم شك في بقاء كريته لم يجر الاستصحاب بناء على الموضوع العقلي، فان الماء الباقي بنظره غير الماء السابق وجرى بناء على الموضوع العرفي فان الباقي هو السابق ذاتا وان حصل له تغيير في كميته ووصفه.
وإذا ورد دليل على أن الماء المتغير بأوصاف نجس العين نجس، وكان هناك ماء متغير فزال تغيره من قبل نفسه فشككنا في بقاء نجاسته، لم يكن الموضوع الدليلي باقيا، فان ظاهر الدليل بنظر العرف البدوي هو الماء المقيد بالتغير، والمقيد ينتفى بانتفاء قيده الا ان الموضوع العرفي باق في المثال فان أهل العرف يعدون الموضوع للنجاسة نفس الماء ويحسبون ان التغير من أوصاف الموضوع وله دخل في ترتب الحكم عليه لا انه قيد للموضوع ومعروض للنجاسة، فيجعلون ما هو قيد بحسب الدليل خارجا عن القيدية راجعا إلى حالاته، فيرون الموضوع باقيا فإذا حصل الشك في بقاء الحكم لاجل زوال ما يحتمل دخله فيه جرى الاستصحاب، فالموضوع باق بهذا النظر وان كان زائلا بالنظرين الأولين.
ومنها: موارد يقع التعرض فيها لموضوعات الأحكام الشرعية ومتعلقاتها فيقع الكلام هنا لك في الفراق بين الموضوع والمتعلق.
بيانه ان الأفعال الصادرة عن المكلف على قسمين: قسم لازم لا يتعدى منه إلى غيره كالصلاة والصيام والركوع والقيام، وقسم يتعدى ويتعلق بامر آخر كالأكل