قاعدة التحسين والتقبيح العقليين وقع الاختلاف بين العلماء في أنه هل يحكم العقل بحسن الأفعال وقبحها أو انه لا يحكم بشئ من الحسن والقبح، بل هو منعزل عن منصب الحكومة والقضاوة وليس ذلك من حقه ولا هو من وظيفته.
والمراد من حكم العقل ادراكه فان المعروف انه ليس للعقل بعث وزجر بل انما وظيفته ادراك كون الشئ حسنا وكونه قبيحا.
والمراد من الحسن كون الفعل بحيث يستحق فاعله المدح ومن القبح كونه بحيث يستحق فاعله الذم.
وحاصل النزاع حينئذ انه هل تتصف للأشياء لدى العقل بحسن وقبح يدركهما ويحكم بهما حكما جاز ما فيمدح فاعل الحسن ويذم فاعل القبيح، أم لا تتصف بهما عنده، والنزاع في هذه المسألة وقع بين أصحابنا الامامية (ره) والمعتزلة وبين الأشاعرة، فذهب الفريق الأول إلى الوجه الأول والفريق الثاني إلى الوجه الثاني.
قال صاحب الكفاية في مقام اثبات مختار أصحابنا الامامية ما ملخصه، والحق الذي عليه قاطبة اهل الحق هو الأول، فإنه كما يختلف الأحجار والأشجار وسائر الجمادات والنباتات في الخير والشر والنفع والضر تفاوتا فاحشا أكثر مما بين السماء