ثم إنه قد ظهر من هذا التقسيم ان للاستصحاب شرطا واحدا وهو ملاحظة الحالة السابقة، وللبراءة شرطين وهما عدم ملاحظة الحالة السابقة وكون الشك في التكليف، وللاحتياط شروطا ثلاثة; عدم ملاحظة الحالة السابقة وكون الشك في المكلف به وامكان الاحتياط، وللتخير أيضا شروطا ثلاثة: عدم ملاحظة الحالة السابقة وكون الشك في المكلف به وعدم امكان الاحتياط.
تنبيهات: الأول: ان الجاهل والشاك اما أن يكون شاكا في الحكم التكليفي أو في الحكم الوضعي أو في متعلقات الاحكام.
اما الأول: فهو الذي يجرى في حقه الأصول المذكورة، وحصر الأصول العملية في الأربعة المشهورة انما هو بالنسبة إليه فلا يجرى في حقه غير تلك الأصول.
واما الثاني: كمن شك في الطهارة والنجاسة والصحة والفساد والملكية والزوجية والحرية والرقية وغيرها، فلا يجرى في حقه من تلك الأصول غير الاستصحاب وله أصول اخر كأصالة الطهارة وأصالة الصحة وأصالة الفساد وأصالة الحرية وأصالة التحقق المسماة بقاعدة التجاوز، ولم يتعرض بعض المحققين لتلك الأصول ومجاريها في أول الباب زعما منه ان مباحثها قليلة وانها تختص ببعض الأبواب.
واما متعلقات الاحكام وموضوعاتها فلا يجرى فيها من الأصول الأربعة الا الاستصحاب، ويجرى فيها بعض الأصول الاخر والامارات كالقرعة واليد وخبر العدل ونحوها.
الثاني: ان ما ذكرنا من المجاري للأصول العملية انما هو بيان لخصوص مجاريها بنحو الاجمال واما بيان نفس تلك الأصول وانها احكام شرعية أو عقلية وبيان مجاريها تحقيقا وتفصيلا فهو موكول إلى شرح حال ذلك الأصل تحت عنوانه الخاص فراجع تلك العناوين لتكون على بصيرة منها.