إذ حقيقة العلم التصديقي هو انكشاف النسبة لدى القاطع انكشافا تاما، فإذا حصل القطع بان أحد الفعلين واجب اوان أحد الإنائين حرام فالنسبة الملحوظة بين الحكم وموضوعه الذي هو عنوان أحدهما منكشفة لدى القاطع لا اجمال فيها.
نعم انطباق ذلك الموضوع الكلى على هذا المصداق بالخصوص وتعلق الحكم به مجمل مجهول، وهو امر آخر ونسبة أخرى غير النسبة المنكشفة، فالعلم الاجمالي في الحقيقة عبارة عن انضمام جهل إلى علم ونسبة مجهولة إلى نسبة معلومة، ويكون اسناد الاجمال إلى العلم بلحاظ حصوله في متعلقه لا فيه نفسه، وإن شئت فقل العلم الاجمالي هو العلم المتعلق بعنوان أحد الشيئين أو الأشياء مع كون العنوان غير معين والعلم التفصيلي ما لا يكون كذلك.
تنبيه:
إذا حصل العلم الاجمالي بوجوب أحد الفعلين مثلا فإنه يتصور لكل من امتثال الحكم المعلوم بالاجمال ومخالفته مرتبتان، إذ لا يخلو حال المكلف عن أحد أمور ثلاثة، فعلهما معا وتركهما معا وفعل أحدهما وترك الآخر، ويسمى الأول بالموافقة القطعية والثاني بالمخالفة القطعية والثالث بالموافقة والمخالفة الاحتماليتين، ففعل أحدهما وترك الآخر هي المرتبة الأولى للموافقة والمخالفة وفعلهما معا المرتبة الثانية للموافقة وتركهما معا المرتبة الثانية للمخالفة.
ثم إن في تأثير العلم الاجمالي في ايجاب الامتثال بالمرتبة الأولى أو الثانية أو عدم تأثيره أصلا أقوال.
الأول: كونه علة تامة في ايجاب المرتبة الثانية ولزوم الموافقة القطعية كالعلم التفصيلي; فلا يجوز حينئذ ترخيص الشارع في ترك البعض فضلا عن الكل وهذا مختار صاحب الكفاية (قده) في باب الاشتغال.
الثاني: كونه مقتضيا بالنسبة إلى كلتا المرتبتين فيصح الترخيص في تركهما فضلا عن ترك أحدهما، وهذا مختاره (قده) في بحث القطع.