واما الأحكام التكليفية بمرتبتها الفعلية فهي أيضا لا تترتب دائما على الفعل بل توجد موارد خلت الأفعال من مرتبة فعلية تلك الأحكام.
منها: موارد حصول القطع للمكلف على خلاف الحكم الواقعي كما إذا قطع الشخص بوجوب الجمعة مع كونها حراما في الواقع فان ما قطع به ليس حكما شرعيا مجعولا أصلا والحكم الواقعي ليس بمنجز حتما وليس بفعلي على المشهور فليس هنا حكم شرعي في مرتبة الفعلية واقعيا كان أو ظاهريا وان كان التحريم موجودا أنشأ، وكذا إذا قطع بحلية العصير مع حرمته في الواقع أو باستحباب شئ مع كونه واجبا هذا إذا كان القطع بالخلاف قصوريا واما إذا كان عن تقصير فالواقع فعلى منجز.
ومنها: موارد الطرق الشرعية المؤدية إلى خلاف الواقع كما إذا أخبر العادل بإباحة شئ وكان في الواقع واجبا أو حراما بناءا على القول بالطريقية فيها، فما أخبر به العادل ليس بمجعول ولو ظاهرا وما كان موجودا واقعا ليس بفعلي فلا حكم فعلى في المورد.
ومنها: مورد الظن الانسدادي المخالف أيضا كالامارات الشرعية بناء على الحكومة والكشف الطريقي.
ومنها: موارد مزاحمة المهم للأهم كالصلاة المزاحمة لإزالة النجاسة من المسجد في أول الوقت; فان الامر الفعلي لما توجه إلى الأهم بقي المهم خاليا عن الامر الفعلي بالكلية والا لزم طلب الضدين نعم الحكم بمرتبته الانشائية ثابت وهذا مبنى على بطلان الترتب واما بناءا على صحته فان أراد امتثال امر الأهم فكذلك أيضا وان أراد المخالفة فامر المهم أيضا فعلى كامر الأهم.
ومنها: ما إذا استلزم امتثال واجب مخالفة حرام مع كون الواجب أهم كما لو استلزم اكرام عالم إهانة عالم آخر أو الوضوء في محل انصباب مائه في ملك الغير; فالإهانة والتصرف في ملك الغير لا حكم لهما أصلا لان الحرمة الواقعية قد ارتفعت بالمزاحمة ولم يترتب عليهما من طرف ما يستلزمهما حكم أيضا.