للتخصص في ناحية المسبب وعكسه مستلزم للتخصيص بلا وجه في ناحية السبب كما عرفت.
ومنها: انه يظهر من صحيحة زرارة صحة استصحاب الوضوء واجزاء الصلاة المأتي بها بذلك الوضوء مع أنه معارض بأصالة عدم برائة الذمة بتلك الصلاة وهذا بعينه من تقديم السبب على المسبب إذ الشك في بقاء الاشتغال مسبب عن الشك في بقاء الوضوء.
ومنها: الارتكاز العرفي وعمل العقلاء على التقديم فإنهم إذا علموا بان الشارع حكم بطهارة ماء أو كريته ولو كان حكما ظاهريا رتبوا عليه الحكم برفعه للخبث والحدث وإذا حكم بحلية مال أدوا منه ديونهم ولا يلتفتون إلى ما يقابلها من استصحاب بقاء النجاسة أو الحدث أو اشتغال ذمتهم بالديون وهكذا.
تنبيه:
قد لا يكون الأصل الجاري في ناحية السبب ناظرا إلى حال المسبب وحاكما عليه لكون اللزوم عقليا، وقد يسقط عن الحجية لمانع أو مزاحم، وعلى التقديرين فتصل النوبة إلى الأصل الجاري في المسبب.
مثال الأول ما إذا غاب عنا زيد وله من العمر عشر سنين فشككنا بعد عشرين سنة في بقاء حياته; فاستصحاب الحياة لا يثبت بلوغ سنه إلى ثلثين أو نبات لحيته أو سائر اللوازم العقلية والعادية فإنه مثبت فتصل النوبة إلى اجراء استصحاب عدم تحقق تلك اللوازم وعدم آثارها وهذه أصول مسسببية.
ومثال الثاني ملاقي أحد الأطراف في الشبهة المحصورة فيما إذا علم اجمالا بنجاسة أحد الشيئين، فان الأصل في طرف السبب أعني الملاقي بالفتح قد سقط بالمعارضة فوصلت النوبة إلى أصل المسبب.