ثم إن الناقل (تارة) ينقل السبب أي الاتفاق الكاشف عن رأي الإمام عليه السلام ورضائه (وأخرى) ينقل المسبب أي نفس رأيه ورضاه و ما قلنا انه من القسم الخبر الحدسي هو فيما إذا كان نقله من القسم الثاني وأما إذا كان من القسم الأول فهو خبر حسي.
اللهم إلا أن يكون اخباره عن نفس الاتفاق أيضا حدسيا لوجود قاعدة أو أصل عنده أو أي دليل آخر، فيزعم حجية ما ذكر عند الكل فيحدس الاتفاق بما يزعم أنه مضمونه، فينقله، وهذا القسم - من الاجماع المنقول الذي لا يكون الاخبار عن نفس الاتفاق فيه أيضا حسيا - لا فائدة فيه أصلا.
وأما لو كان نقل الاتفاق حسيا فيثبت به مقدار ما يحتمل في حق الناقل من الاطلاع على الأقوال، وهذا يختلف بحسب الناقلين وكثرة تتبع بعضهم وقلته بالنسبة إلى بعض الاخر، بل ربما يختلف حال شخص واحد بالنسبة إلى كتبه، بل بالنسبة إلى أبواب كتاب واحد فربما يكون بناؤه على التتبع في باب ومسألة دون باب آخر ومسألة أخرى، وبعد ما ثبت - مقدار ما يحتمل في حق الناقل من الاطلاع على الأقوال عند المنقول إليه لكونه خبرا حسيا صادرا عن العادل - يكون ذلك المقدار كأنه هو رآه وحصله فان كان عنده أيضا مثل الناقل ملازمة بين ذلك المقدار من الاتفاق ورأى الإمام عليه السلام فيأخذ به، وإلا فله أن يحصل تتميم ما نقص بالسعي في التتبع و وجدان أقوال وفتاوى آخرين موافقة مع ما نقل.
ولا يخفى ان ما يحصله حينئذ يجب ان يعلم أنه غير ما حصله الناقل حتى يكون المجموع سببا كاشفا عن رأي الامام عنده (ومما ذكرنا) من نقل الاجماع ظهر لك حال نقل التواتر وانه تارة ينقل نفس التواتر حدسا، و قد ينقل كثرة المخبرين وما هو سبب حصول التواتر حسا (فالأول) من القسم الخبر الحدسي وليس مشمولا لأدلة حجية خبر الواحد (والثاني) خبر حسي