ليس ما هو المجعول واقعا طبقا للمصالح والمفاسد ويكون مشتركا بين العالم والجاهل بل ما دلت الأدلة - على اشتراكه بينهما و انحفاظه في مرتبة الجهل به - هو الحكم الفعلي الذي لو وصل إلى المكلف كان داعيا ومحركا له نحو الفعل أو الترك، وإنكار مثل هذا الحكم في ظرف الجهل بالحكم الواقعي تصويب لا يقول به الإمامية، هذا مضافا إلى أن الحكم الانشائي لا يفهم منه معنى محصلا بذلك المعنى الذي يريد صاحب هذا القول بأن يكون أحد مراتب الحكم و المفهوم منه هو إنشاء الحكم على الموضوع المقدر وجوده بما له من القيود التي لها دخل في المصلحة والملاك، فثبوت الحكم لموضوعه المفروض الوجود بقيوده المعتبرة فيه دائما فعلي نعم الفعلية بمعنى تحريك المكلف نحو الفعل أو الترك منوطة ومتوقفة على وجود ذلك الموضوع مع جميع قيوده المعتبرة في توجيه التكليف نحو المكلف التي نسميها بشرائط التكليف، فوجوب الحج مثلا يكون محركا للمكلف نحوه بعد وجوده مع جميع الشرائط المعتبرة من الاستطاعة والبلوغ والعقل والحرية وأمثال ذلك مما هو دخيل في توجيه التكليف نحوه.
ثم إن شيخنا الأعظم الأنصاري (ره) بعد ما جمع بين الحكم الظاهري والواقعي - باختلاف الرتبة في الأصول العملية بالتقريب الذي تقدم وأن موضوع الحكم الواقعي هو نفس ذات فعل المكلف و موضوع الظاهري هو الذات المشكوك الحكم فيكون موضوع الحكم الظاهري في الرتبة المتأخرة عن موضوع الحكم الواقعي - أفاد في مقام الجمع بينهما في مؤدى الامارات معنى آخر، وهو أن المجعول في باب الامارات هي الهوهوية بين المؤدي والواقع فلو كانت الامارة مطابقة للواقع فالمجعول هو كون المؤدي عين الواقع فلو كانت الامارة مطابقة للواقع فالمجعول هو كون المؤدي عين الواقع و اتحادهما فليس شي آخر مجعولا في قبال الواقع حتى يكون غيره و يلزم اجتماع المثلين وإن لم تكن مطابقة للواقع فيكون -