عبارة عن العمل بما لم يعلم أنه من الدين بعنوان أنه من الدين وإن كان من الدين واقعا، فالمناط في تحقق التشريع عدم قيام حجة على أنه من الدين لا عدم كونه منه واقعا ولا شك في أن العقل يحكم بقبح استناد ما لم يعلم أنه من الدين إليه سواء كان في الواقع من الدين أو لم يكن.
ثم أن حكم العقل بقبح التشريع ليس من قبيل حكم العقل بقبح العصيان من حيث عدم جريان قاعدة الملازمة في الثاني دون الأول، و ذلك من جهة أن مورد جريان قاعدة الملازمة كما تقدم هو كون حكم العقل واردا في سلسلة علل الاحكام لا في سلسلة معلولات الاحكام، بمعنى أن العقل لو أدرك ما هو مناط حكم الشرع وملاكه فيستكشف من ذلك لما وجود الحكم الشرعي، وهذا معنى وقوعه في سلسلة علل الاحكام، وأما لو وقع حكم العقل في الرتبة المتأخرة عن الحكم الشرعي وفي سلسلة آثاره ولوازمه كقبح العصيان وحسن الإطاعة، فلا يمكن أن يكون مستتبعا للحكم الشرعي للزوم التسلسل.
ثم أن المحرم هل هو نفس العمل الذي يتحقق التشريع به أو خصوص التدين والتعبد به، الظاهر أن العقل يحكم بقبح نفس العمل الذي يصدر بعنوان أنه من الدين ويكون العمل الصادر بهذا العنوان مصداقا للتشريع القبيح عقلا فبقاعدة الملازمة نستكشف حرمة نفس العمل الكذائي، هذا مضافا إلى دلالة بعض الاخبار والأدلة اللفظية أيضا على ذلك وخصوصا الأخبار الواردة في باب البدعة وتحريمها.
ثم أنه من لوازم الحجية جواز التعبد والتدين بمؤداها بناء على ما تقدم من أن جعل الحجية عبارة عن تتميم كشفه الناقص وجعله في عالم الاعتبار التشريعي علما وواسطة في الاثبات نعم لو كانت الحجية بمعنى صرف من جزيته من دون جعله علما تشريعيا ووسطا في الاثبات فلا يمكن التعبد