القسم الرابع والثاني أي السببية المعتزلية هو أنه في القسم الثاني تنكسر المصالح والمفاسد الواقعية فلا تقتضي جعلا على طبقها فليس في البين إلا تلك الأحكام الظاهرية وأما في هذا القسم فلكل متعلق وموضوع جعل حكمان واقعي وظاهري ولا تضاد ولا تناقض في البين لاختلاف رتبة الحكمين فلا الحكم الواقعي ينزل إلى رتبة الحكم الظاهري ولا الحكم الظاهري يصعد إلى رتبة الحكم الواقعي بل كل واحد منهما يقف على موضوعه وقد تقدم وجه بطلان هذا الوجه في مسألة الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري فلا نعيد.
(فنقول) أما السببية التصويبية بكلا قسميه أي الأشعرية والمعتزلية بل السببية المخطئة التي قال بها أستاذنا المحقق (قده) فكون مقتضى القاعدة في المتعارضين بناء عليها هو التخيير فواضح لأنه بناء على ذلك يصير من باب تزاحم الحكمين الناشئين كل واحد منهما عن ملاك ومصلحة خاصة فالعقل يحكم بالامتثال بمقدار القدرة وهو الامتثال بأحدهما في ظرف عدم الامتثال بالآخر وهذا كسائر موارد باب التزاحم بين الحكمين (نعم) إذا كان إحدى الامارتين يثبت حكما والأخرى ينفيه - بحيث تكون الامارتان مختلفتين في الايجاب والسلب ويكون الجمع بين مفاديهما من قبيل الجمع بين النقيضين لا الضدين - فالقول بالتخيير مشكل لأنه إذا كان مفاد إحدى الامارتين رفع مؤدى الأخرى فكون مؤداهما من قبيل الحكمين المتزاحمين الذي كان مبنى القول بالتخيير لا يخلو من نظر وتأمل (بل يمكن) أن يقال أن مؤدى الامارة فيما إذا كان رفع الحكم وعدمه فليس من جهة أنه في المؤدى ملاك يقتضي العدم بل من جهة عدم ملاك الوجوب أو الحرمة مثلا فليس حينئذ لا ملاكان ولا حكمان فلا وجه في هذه الصورة للحكم بالتخيير.
(هذا كله) فيما إذا قلنا بالسببية بأحد الوجوه الثلاثة المتقدمة (وأما بناء على السببية) على مذهب المخطئة أي بأن تكون المصلحة في سلوك