النظر عن أخبار الترجيح والتخيير أو لا بل مقتضى القاعدة الأولية عدم سقوطهما بل لا بد وأن يجمع بينهما ولو بضرب من التأويل و لا بد في تنقيح هذه المسألة من التكلم في مقامين (الأول) بناء على الطريقية (الثاني) بناء على السببية (اما) المقام الأول أي بناء على الطريقية فحيث أن مضمونهما ومؤداهما لا يمكن أن يكون مجعولا جمعا لكونه من اجتماع الضدين أو النقيضين مطابقة أو التزاما فلا يمكن كون كليهما طريقا وكاشفا عن الحكم الواقعي لان طريقية الاثنين وكاشفيتهما جمعا فرع الامكان واحتمال أن يكون كلاهما مجعولين وإلا فمع العلم بأنهما جمعا ليسا بمجعولين كيف يمكن أن يقول أحد بأن كلاهما جمعا طريق (وحاصل الكلام) أنه بناء على الطريقية كل واحد منهما ليس حجة في خصوص مؤداه وأما بالنسبة إلى نفي الحكم الثالث (فان كان التعارض) بينهما من جهة تنافي مؤداهما وعدم إمكان اجتماعهما لاستلزامه اجتماع الضدين أو النقيضين (فهما يشتركان) في نفي الثالث بالدلالة الالتزامية مثلا إذا كان هناك روايتان مفاد إحداهما وجوب غسل الجمعة والأخرى استحبابه فهما مشتركان في نفي الكراهة والحرمة والإباحة بالدلالة الالتزامية فالمدلول المطابقي لاحداهما الوجوب وللاخرى الاستحباب ولكن حيث أن لازم كونه واجبا وكذلك مستحبا عدم كونه محكوما بسائر الأحكام الخمسة - (فهما معا) بالدلالة الالتزامية ينفيان غير الوجوب والاستحباب من سائر الأحكام الخمسة (ان قلت) دلالة الجملة على معنى الالتزامي فرع دلالتها على المعنى المطابقي وفي المقام ليس الخبران حجة بالنسبة إلى مدلولهما المطابقي لسقوطهما عن الحجية بالنسبة إليه كما هو المفروض (قلنا) ان تبعية دلالة اللفظ والكلام على مدلوله الالتزامي لدلالته على مدلوله المطابقي في عالم الوجود لا في عالم الحجية فيمكن التفكيك في عالم الحجية بعد وجودهما معا لوجود محذور في حجية إحداهما دون
(٥٨٩)