بين العامين تباين كما عرفت وبواسطة الدليل الثالث الذي أخص من أحدهما أيضا انقلبت النسبة بينهما من التباين إلى العموم و الخصوص المطلق كما عرفت (وقد تنقلب) النسبة بين العامين المتباينين إلى العموم والخصوص من وجه وذلك كالمثال الأول إذا ورد دليل رابع كان مفاده تخصيص أكرم العلماء بالفقهاء (فإنه) بعد تخصيص قوله (أكرم العلماء بالفقهاء) وتخصيص قوله (لا تكرم العلماء) بقوله (أكرم العلماء العدول) فالنتيجة تقييد كل واحد من العامين المتباينين بحسب المراد الواقعي بقيد أي يصير أكرم العلماء الفقهاء من طرف ولا تكرم العلماء غير العدول من طرف والنسبة بينهما هي العموم والخصوص من وجه بعد ما كانت التباين.
(الصورة الثانية) هي ما إذا ورد عام وخاصان متباينان مثل قوله (أكرم العلماء) وقوله (لا تكرم الكوفيين من العلماء) وقوله (لا تكرم البصريين من العلماء) فالنسبة بين الخاصين هي التباين، ولا شك في وجوب تخصيص العام بكل واحد منهما ما لم يصل إلى التخصيص المستهجن كتخصيص المستغرق والمستوعب لجميع أفراد العام أو أصنافه أو أكثرها (ولا فرق) في لزوم تخصيص العام بالجميع ما لم يصل إلى حد الاستهجان بين أن يكون الخاص اثنين أو كان أكثر (الصورة الثالثة) هي ما إذا ورد عام وخاصان تكون النسبة بينهما عموم وخصوص مطلق كقوله (أكرم العلماء) وقوله (لا تكرم النحويين) وقوله (لا تكرم الكوفيين من النحويين) فحيث أن نسبة كل واحد من الخاصين إلى العام نسبة القرينة إلى ذي القرينة فيخصص بهما جميعا.
وأما احتمال تخصيص أعم الخاصين بأخصهما - حتى يكون المراد من قوله (لا تكرم النحويين خصوص الكوفيين من النحويين) فيخصص به العام وتكون النتيجة تخصيص العام بغير مفاد أخص الخاصين أي وجوب