تعرف أن الدلالة التصديقية بالمعنى الثاني الذي هو المناط في لزوم الاخذ والعمل على طبقه في باب ظواهر الألفاظ لان حجية الظواهر من باب الكشف عن المراد متوقف على عدم مجئ قرينة على أن الظاهر ليس بمراد فإذا جأت قرينة على خلافه فلا يكون كاشفا عن المراد والمناط حينئذ لملاحظة تلك الجملة مع تلك القرينة وذلك المخصص أو المقيد فحيث أن شمول الاطلاق الشمولي لمورد الاجتماع يكون بالاطلاق وشمول العام الأصولي بالوضع فيكون العام الأصولي قرينة وبيانا لعدم تحقق الاطلاق ولو كانا في كلامين وعلى هذا القياس حال الاطلاق البدلي مع العام الأصولي فلو قال أكرم عالما وقال أيضا لا تكرم الفساق فشمول الاطلاق البدلي لمورد الاجتماع أي العالم الفاسق بالاطلاق وشمول العام الأصولي له بالوضع فيكون مانعا عن تحقق الاطلاق ويجي إشكال أستاذنا المحقق أيضا في هذا المقام ولكن الجواب عين الجواب فلا نعيد.
(ومنها) ما إذا كان أحد المتعارضين من قبيل الاطلاق الشمولي والاخر من قبيل الاطلاق البدلي كما إذا قال أكرم عالما فإنه إطلاق بدلي كما تقدم وقال أيضا لا تكرم الفاسق فإنه إطلاق شمولي لما تقدم من انحلال النهي إلى قضايا متعددة حسب تعدد أفراد موضوعه أي متعلق متعلقه كقوله لا تشرب الخمر والمثال المذكور أي لا تكرم الفاسق فتقييد الاطلاق البدلي مقدم على تقييد الاطلاق الشمولي و إن كان كلاهما بمقدمات الحكمة وذلك من جهة أن جريان مقدمات الحكمة في الاطلاق الشمولي يمنع عن جريان مقدمات الحكمة في الاطلاق البدلي بخلاف العكس لان الاطلاق البدلي عبارة عن تعلق التكليف بصرف الوجود وحيث أن جميع وجودات الطبيعة في ضمن وجودات جميع الافراد متساوي الاقدام في انطباق صرف الوجود عليها فالعقل يحكم بالتخيير في مقام التطبيق بواسطة إجراء مقدمات الحكمة