منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ٢ - الصفحة ٤٧
وعزل العقل عن إدراك ذلك بالمرة يوجب إفحام الأنبياء وسد باب إثبات الصانع وإبطال العلوم العقلية والنقلية (والحاصل) أن إنكار الملازمة يتوقف على إنكار إحدى المقدمتين، (إحداهما) إنكار تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد كما ذهب إليه الأشاعرة وعليه بنوا إنكار الملازمة (ثانيهما) إنكار إمكان إدراك العقل علل الاحكام و مناطاتها ولو بنحو الموجبة الجزئية، ونسب هذا إلى الأخباريين وعليه بنوا إنكار قاعدة الملازمة وكلا الانكارين ليس في محله بل واضح البطلان كما عرفت فلا نعيد.
ثم إن صاحب الفصول (ره) أنكر الملازمة الواقعية وقال بالملازمة الظاهرية وقال في وجهه أن العقل لا يحيط بجميع جهات مناطات الاحكام بل ربما يدرك المقتضى ويخفى عليه المانع وليس ما يسد هذا الاحتمال ففي كل مورد كان له حكم بالحسن أو القبح احتمال أن يكون هناك مانع عن تأثير ذلك الحسن في الوجوب وذلك القبح في الحرمة أيضا موجود ومع هذا الاحتمال لا يبقى مجال للملازمة الواقعية لان الملازمة الواقعية تكون بين ما هو علة تامة للحكم معه لا بين ما هو مقتضى له مع احتمال وجود المانع عن تأثير ذلك المقتضى، نعم لا بأس بأن يكون إدراك العقل لما هو المناط بنظرة أمارة للحكم الشرعي، فيكون بين إدراك العقل والحكم الشرعي ملازمة ظاهرية.
وفيه (أولا) أنه من الممكن - بل هو الواقع الذي لا مناص منه - إدراك العقل بنحو الموجبة الجزئية لما هو المناط الواقعي والعلة التامة للحكم الشرعي فيكون بينهما ملازمة واقعية أي الملازمة التي بين العلة والمعلول (وبعبارة أخرى) كلامنا في المستقلات العقلية و العقل إذا استقل بحكم لا بد وان يحيط بجميع جهات ذلك الحكم من وجود المقتضى وفقد الموانع والا لا يستقل بذلك الحكم، وإنكار ذلك و لو في بعض الموارد مكابرة (وثانيا) لو سلمنا عدم وجود الملازمة الواقعية فلا ملازمة ظاهرية أيضا، لأنه
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»