ومنها رواية عبد الأعلى عن الصادق عليه السلام (قال سألته عمن لا يعرف شيئا هل عليه شي قال عليه السلام لا) تقريب الاستدلال بها أنه عليه السلام قال لا أي لا مؤاخذة ولا عقاب ولا استحقاقه على من لا يعرف ولا يعلم شيئا، ولو كان الاحتياط عليه واجبا لكان عليه المؤاخذة من طرف التكليف المجهول لتنجزه عليه بواسطة وجوب الاحتياط (وفيه) أن المراد بقوله عليه السلام من لا يعرف شيئا أهالي البوادي البعيدة عن المدن فيكون أجنبيا عن مقامنا.
ومنها قوله عليه السلام (أيما امرئ ركب أمرا بجهالة فلا شي عليه) تقريب الاستدلال به أنه عليه السلام نفي المؤاخذة على ارتكاب ما لم يعلم حرمته فيدل على عدم وجوب الاحتياط على نحو ما بينا في الرواية السابقة (وفيه) أن ظاهر الرواية هو كون الجهل سببا لارتكاب التكليف المجهول فتختص بالجاهل المركب واعتقاده الحلية فتكون أجنبية عن مقامنا وهو مورد احتمال الحرمة مع عدم وجود دليل عليها لعدم كون الجهل حينئذ سببا للارتكاب بل الموجب ميله و رغبته (وأما القول) بأن الموجب في الجهل البسيط أيضا هو الجهل غاية الامر بضميمة حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان (فيه) أن هذا فيما لم يكن دليل على وجوب الاحتياط وإلا فهو وارد على قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
ومنها قوله عليه السلام (ان الله يحتج على العباد بما أتاهم وعرفهم) وتقريب الاستدلال به أن الله تعالى لا يحتج على العباد ولا يؤاخذهم ولا يكلفهم إلا بالنسبة إلى التكاليف التي أوصلها إليهم فما لم يوصلها إليهم - ولو كان من جهة ظلم الظالمين وإخفاء المانعين أو دس الداسين - فلا يؤاخذهم ولا يحتج عليهم فيدل على عدم وجوب الاحتياط بالنسبة إلى التكاليف المجهولة التي لم يوصلها إليهم (و القول) بأن الاحتجاج والمؤاخذة على مخالفة الاحتياط الواصل إليهم فتكون أدلة الاحتياط واردة على