منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ٢ - الصفحة ١١٨
وأما حجية مطلق الظن فقد أقاموا عليها أدلة أربعة.
(الأول) أن مخالفة - المجتهد لما ظنه من الحكم الإلزامي - مظنة للضرر ودفع الضرر المظنون لازم ولا معنى الحجية الظن إلا عدم جواز مخالفته (وقد أجاب عنه) صاحب الكفاية (ره) بعدم تمامية الصغرى إن كان المراد بالضرر الضرر الأخروي والعقاب، لان الظن غير المعتبر ليس منجزا وبيانا فيكون العقاب على التكليف المظنون بذلك الظن عقابا بلا بيان ومؤاخذة بلا برهان وهو قبيح، وصدور القبيح منه تعالى محال، ففي مورد قيام الظن الغير المعتبر لا يحتمل العقاب فضلا عن أن يكون مظنونا وعدم تمامية الكبرى إن كان المراد بالضرر الضرر الدنيوي لان العقل لا يحكم بلزوم دفع مقطوعه في بعض الأحيان فضلا عن مظنونه.
ولكن أنت خبير أن الضرر - الدنيوي أيضا إذا كان مظنونا يجب بحكم العقل - دفعه إذا كان نفسيا (نعم) الضرر اليسير المالي ربما لا يلتفت إليه العقلا ولا يعتنون به ولذلك ادعى العلامة (ره) الاجماع على عدم جواز سلوك الطريق المظنون الخطر ولو لم يكن خطرا في الواقع ويظهر من هذا الكلام أن نفس الظن بالضرر موضوع واقعي للحرمة لا انه طريق إلى ما هو الموضوع أعني الضرر الواقعي (فالأولى) أن يقال بعدم تمامية الصغرى في هذا الشق أيضا بمعنى إنكار أن مخالفة المجتهد لما ظنه من الحكم الإلزامي مظنة للضرر، إذ لا ملازمة بين كون الشئ واجبا وكون تركه ضررا على المكلف أو كونه حراما وكون فعله ضررا، وذلك من جهة أنه نحن وإن كنا نقول بتبعية الأوامر والنواهي للمصالح والمفاسد ولكن هذا غير أن يكون ترك كل واجب أو فعل كل حرام موجبا للضرر على المكلف بل وجوب كثير من الاشياء يكون للمصلحة النوعية، وهكذا حرمة كثير منها تكون للمفسدة النوعية فالملازمة المدعاة في المقام ليست ثابتة
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»