منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ٢ - الصفحة ١٢٩
واشتباهها في دائرة المحتملات التي تكون في هذه الحالة امتثالها حرجي (وأما عن الثاني) فبان ما يوجب الحرج وإن كان هو لزوم الجمع بين المحتملات وهو حكم عقلي إرشادي إلا أن هذا الحرج بالآخرة ينتهي إلى حكم الشارع ويكون تلك الأحكام الواقعية المجهولة منشأه فلا حرج يرفع تلك الأحكام اما لا مطلقا بل بمعنى انه يرفعها لو كان في دائرة الموهومات والمشكوكات فيكون حال دليل نفي العسر والحرج حال دليل الاضطرار فيما إذا اضطر إلى ارتكاب أحدهما غير المعين في الشيئين الذين يعلم إجمالا بحرمة ارتكاب أحدهما فكما أن الاضطرار لا يرفع التكليف هناك بالمرة فكذلك هاهنا دليل نفي العسر والحرج لا يرفع التكليف بالمرة، فإذا ثبت عدم وجوب الاحتياط التام أو عدم جوازه لاختلال النظام فالعقل يحكم بتبعيض الاحتياط لا رفعه، وذلك من جهة أن الضرورات تتقدر بقدرها، وحيث أن الاحتياط في دائرة الموهومات أو المشكوكات وتركه في دائرة المظنونات ترجيح للمرجوح وهو قبيح.
فلا مناص إلا عن الاحتياط في دائرة المظنونات دون الموهومات و المشكوكات، فالعقل بعد تمامية هذه المقدمات يحكم بلزوم العمل على طبق الظن من باب التبعيض في الاحتياط.
نعم لو كان هاهنا إجماع على عدم بناء الشريعة على الامتثال الاحتمالي بل لا بد في مقام الامتثال أن يمتثل الاحكام بعناوينها وبعد بلوغها إلى الاثبات والاظهار، فحينئذ لا بد من القول بأن العقل من هذه المقدمات يستكشف بأن الشارع جعل الظن حجة وطريقا إلى أحكامه المجهولة في هذه الحالة وإلا يلزم التكليف بما لا يطاق، ولا فرق في استكشاف العقل ذلك من هذه المقدمات على تقدير ثبوت هذا الاجماع بين ان يكون المدرك لعدم جواز إهمال الوقائع والرجوع إلى البراءة الأصلية هو العلم الاجمالي بوجود أحكام إلزامية كثيرة بين المشتبهات أو الاجماع أو الخروج
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»