هذا الاجماع عن كونه الاجماع الاصطلاحي الذي بنينا على حجيته.
(الثاني) الاجماع العملي وهو اتفاق جميع العلماء قاطبة على ترتيب آثار الحجية على الخبر الموثوق الصدور واستناد فتواهم إليه (و فيه) ما ذكرنا من الاشكال في الوجه الأول.
(الثالث) سيرة المتدينين بما هم متدينون على العمل بخبر الثقة و ترتيب آثار الحجية عليه والفرق بين هذا الوجه والوجه السابق هو أن الوجه السابق كان مخصوصا بالفقهاء والمجتهدين وهذا الوجه يشمل المجتهدين وغيرهم من قاطبة المتدينين، ثم أنه لو ثبت اتفاق المتدينين بما هم متدينون وكان هذا الاتفاق متصلا بزمان المعصوم، فلا شك في كونه كاشفا عن رضاء المعصوم بذلك وإلا عليه أن يردعهم، ولكن الشأن في ثبوت ذلك وأن عملهم به كان بما هم متدينون.
(الوجه الرابع) سيرة العقلا على العمل بخبر الثقة فإنهم لا يزال يعملون بخبر الثقات ويرتبون الأثر عليه وعدم ردع الشارع عن هذه الطريقة دليل إمضائه لها كما أنه ردع العقلا عن العمل بالقياس في الأمور الشرعية وشدد النكير عليهم (وبعبارة أخرى) حيث أن الشارع ما اخترع طريقا خاصا لتبليغ أحكامه بل اعتمد على الطرق العقلائية وما اعتمدوا عليه فلو كان في نظره أحد طرقهم أو أكثر غير مرغوب فيه فلا بد من ردعه وتشديد النكير عليه كما فعل في القياس.
وأما الآيات الناهية عن العمل بالظن وما ليس بالعلم فلا يمكن أن تكون رادعة عن هذه السيرة لان العقلا - بعد بنائهم على حجية خبر الثقة وانه علم في نظرهم.
لا يرون الآيات شاملة لها بل يرونها خارجة عن موضوع الآيات فردع مثل هذه السير لا يمكن بمثل هذه العناوين بل لا بد وأن يكون بعنوانها