منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ٥٧
الاجزاء وكثرتها وخروج بعض الأشياء في حالة أو حين من الأحيان عنها، ودخول ذلك البعض في حالة أخرى أو حين آخر فيها لا يجتمع مع كونه جامعا، لان معنى الجامع هو أن هذا الواحد يجمع المختلفات، وجمعه للمختلفات معناه وجوده مع الجميع. و المفروض أنه - بناء على ما ذكرنا - أن منشأ الانتزاع لذلك المفهوم الانتزاعي ليس الا أمور مختلفة من حيث القلة والكثرة، ودخول شئ في حالة و خروجه بعينه في حالة أخرى، فليس هناك شئ واحد في البين حتى نسميه بالجامع. واما المثل الذي ذكره من أن الخمر مبهم من حيث اتخاذها من العنب أو التمر أو غير ذلك، فهذا ليس إبهاما في الماهية، بل من جهة أنه لم تؤخذ في التسمية مادة خاصة، بل أي مادة من المواد المائعة لو تلبست بالصورة النوعية الخمرية تكون خمرا. و (بعبارة أخرى) الملاك في التسمية هو وجود الصورة الخمرية مقرونة بأي مادة من المواد كانت، كما أن الباب أو السرير أو السيف أيضا هكذا كل واحد منها موضوع للصورة الكذائية في ضمن أي مادة كانت سواء كانت ذهبا أو فضة أو حديدا، والحال انه لا إبهام في ماهية هذه الأشياء ولا في مفهومها.
فتلخص من جميع ما ذكرنا أن كون الجامع بين افراد الصلاة - مثلا ماهية مبهمة من حيث قلة الاجزاء وكثرتها ودخول بعض الأشياء و خروج ذلك البعض في حين آخر - غير معقول.
(الثالث) - ما ذهب إليه أستاذنا المحقق (قدس سره) من أن الجامع بين الافراد هو مرتبة من الوجود سارية في جميع وجودات الافراد. و لعل هذا هو المراد من قولهم ان للطبيعة وجود سعي محفوظ في ضمن جميع الافراد. و (بعبارة أخرى) وان كانت الصلاة مثلا مركبة من مقولات متباينة بتمام الذوات، إلا ان جميعها مشتركة في مرتبة من الوجود، وتلك المرتبة المشتركة بين جميع هذه المقولات المتباينة أخذت موضوعا لها لفظ الصلاة مثلا غير محدودة بحد خاص، بل مشككة من حيث القلة والكثرة والضعف والقوة. وأيضا ليس المراد من تلك المرتبة هو حقيقة الوجود
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»