بوضع هذه الألفاظ للأسباب. وقد عرفت ما في هذه الدعوى.
(الثالث) - أنه بناء على ما ذكرنا من وضعها للمسببات وأنها أمور بسيطة، فلا يبقى مجال للتمسك بإطلاقها لرفع جزئية ما احتملت جزئيته للسبب أو شرطية ما احتملت شرطيته له أو مانعية ما احتملت مانعيته له، مع أن المشهور قائلون بصحة التمسك بها في هذه المقامات.
ولكن يمكن ان يقال: إن الاطلاقات والعمومات الواردة في الكتاب و السنة مثل قوله تعالى: (أحل الله البيع) منزلة على المعنى العرفي، فيكون العموم واردا على البيع بما له من المعنى عرفا، بمعنى أن الشارع حكم بصحة كل ما هو بيع عرفا من أي سبب حصل عنده فالحكم بنفوذ كل فرد من افراد البيع العرفي ملازم لامضاء سببية كل ما هو سبب عند العرف، والا يلزم التخصيص في عموم أحل الله البيع بخروج ذلك الفرد المسبب عن السبب الكذائي، نعم لو كان الشك في مدخلية شئ عند العرف في السبب لا يمكن التمسك بهذا العموم أو الاطلاق لرفع المدخلية عندهم، لان الحكم لا يثبت موضوعه، لان موضوع حكم الشارع بالصحة والنفوذ هو ما كان بيعا مسلما عند العرف. ومع الشك يكون من قبيل التمسك بالعموم في الشبهة المصداقية لنفس العام الذي لا يمكن ان يقول به أحد. ومما تقدم تعرف ما فيما أفاده شيخنا الأستاذ (قدس سره) في هذا المقام من أن إمضاء المسبب لا يلازم إمضاء السبب لأنه على فرض السببية والمسببية فللبيع مثلا وجود ولسببه وجود آخر فيكون لكل واحد منهما وجود غير ما هو للآخر وإمضاء أحد الوجودين ليس ملازما لإمضاء الاخر.
ثم هو - قدس سره - أجاب عن هذا الاشكال بما حاصله ان العقود و الايقاعات ليست من قبيل الأسباب بالنسبة إلى هذه العناوين حتى يكون لهما وجودان، وإمضاء أحدهما لا يكون ملازما لإمضاء الاخر، بل هي آلات لايجاد هذه العناوين عند العرف فإمضاؤه لهذه العناوين الموجودة بتلك الآلات بطور العموم إمضاء لآلية تلك الآلات عند الشرع أيضا، وان شئت قلت إن إمضاء الشارع الا قدس بطور العموم لهذه