منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ٤٦
متأخر عن هذا الاستعمال، لأنه سببه، فلا يمكن أن يكون هذا الاستعمال على نحو الحقيقة في ذلك المعنى. وأما أنه ليس على نحو المجاز، لأنه لم تراع علاقة ومناسبة بين المعنى الحقيقي والمعنى المستعمل فيه أصلا. ثم إنه أفاد بأنه لا ضير فيه بعد ما عرفنا أن المدار في صحة الاستعمال في معنى هو حسنه عند الطبع السليم وعدم استنكاره له.
ففيه (أولا) - أنه على تقدير صحة مثل هذا القسم من الوضع التعييني يكون هذا الاستعمال حقيقة لا أنه لا حقيقة ولا مجاز، وتأخر الوضع عن الاستعمال رتبي، وإلا فهما في زمان واحد كما هو الشأن في باب العلة والمعلول، فالاستعمال يقع في زمان وجود الارتباط و العلاقة بين اللفظ والمعنى، وبمثل هذا البيان صححنا إحدى المقدمات المهمة في باب الترتب، وقلنا إن فعلية الامر بالأهم و امتثاله و عصيانه مع فعلية الامر بالمهم وامتثاله وعصيانه كل هذه الستة في زمان واحد، مع أن المفروض أن عصيان الامر بالأهم من مقدمات فعلية الامر بالمهم وموضوع له وداخل في سلسلة علله، وبهذا البيان صححنا الفسخ الفعلي من ذي الخيار بالنسبة إلى الافعال المتوقفة على الملك كوطء الجارية أو عتقها أو وقفها وأمثال ذلك. نعم لو قلنا بأن الاستعمال الحقيقي لا يكون الا إذا كان للفظ معنى حقيقي قبل الاستعمال حتى يتصور ذلك المعنى بما انه معنى حقيقي قبله ثم يستعمل فيستقيم هذا الكلام. ولكن هذه دعوى بلا برهان ومخالفة للوجدان.
و (ثانيا) - أنه لو كان هذا مصداقا لمفهوم الاستعمال والوضع معا - كما هو المفروض والمدعى في مثل المقام - للزم منه اجتماع اللحاظ الآلي والاستقلالي بالنسبة إلى ملحوظ واحد في استعمال واحد، وهو محال. (بيان ذلك) أنه في باب الاستعمال لا بد وأن يلاحظ المعنى بالمعنى الاسمي ومستقلا وملتفتا إليه، واللفظ يكون ملحوظا بالمعنى الحرفي وآلة ومغفولا عنه. و (بعبارة أخرى) اللفظ مما به ينظر لا مما فيه ينظر، فاللفظ في باب الاستعمال دائما غير ملتفت إليه، وتمام النظر إلى المعنى.
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»