منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ٥٦
(الثاني) - ما ذهب إليه بعض المحققين في حاشيته على الكفاية: من أن الماهية إذا كانت مؤتلفة من عدة أمور، بحيث تزيد وتنقض كما و كيفا، فمقتضى الوضع لها بحيث يعمها مع تفرقها وتشتتها أن تلاحظ على نحو مبهم في غاية الابهام بمعرفية بعض العناوين غير المنفكة عنها، ثم ينظر ذلك بالخمر، فإنها مبهمة من حيث اتخاذها من العنب و التمر وغيرهما، ومن حيث اللون والطعم والرائحة، ومن حيث مرتبة الاسكار من ناحية الشدة والضعف. وخلاصة ما يستفاد من هذا الكلام أن الموضوع له في مثل الصلاة مثلا ماهية مبهمة من حيث قلة الاجزاء وكثرتها ودخول بعضها في حالة وخروجها في حالة أخرى.
وأنت تدري بأن مراده ان كان إبهام الماهية من حيث ذاتياتها، فهذا معنى غير معقول، لان الذاتي لا يختلف ولا يتخلف، لان اختلافه أيضا يرجع إلى تخلفه وتخلفه خلف. ولذلك قالوا أن إبهام الجنس بحسب الوجود لا بحسب الماهية مع أن الجنس ماهية ناقصة، فما ظنك بالماهية التامة النوعية؟ مع أن هذا القائل يعترف في بعض كلماته بأن الصلاة مركبة من مقولتين وما هذا شأنه لا يمكن أن تكون له ماهية مقولية، والا يلزم عدم كون الأجناس العالية أجناسا عالية، حتى لو كان هناك ما بظاهره يدل على هذا، كقوله عليه السلام:
الصلاة معراج المؤمن، على تقدير صحة ما ذكره صاحب الكفاية من أن وحدة الأثر تكشف عن وجود جامع ماهوي ذاتي بين المؤثرات في هذا الأثر الواحد فلا بد وان يؤول عن هذا الظهور، لعدم إمكان مثل هذا في مثل هذا المورد، لما ذكرنا من عدم إمكانه.
والانصاف أن كون مراده من الماهية الماهية الذاتية المقولية بعيد لا يلائم كلامه.
وأما ان كان مراده من الماهية المبهمة المفهوم الانتزاعي من أحد هذه المركبات التي صارت متعلقة للأوامر الشرعية، - وذلك كأغلب العبادات - فالابهام لا بد وأن يكون في منشأ الانتزاع، والا فلا معنى الابهام في المفهوم الانتزاعي مع معلومية منشأ الانتزاع. ومعلوم أن منشأ الانتزاع أمور خارجية. والابهام فيها بمعنى قلة
(٥٦)
مفاتيح البحث: الصّلاة (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»