(الامر الثامن) - في الحقيقة الشرعية، وهي عبارة عن كون اللفظ موضوعا للمعنى الشرعي، سواء كان بنقل في هذا الشرع أو في الشرائع السابقة، وقد أمضى الشارع في هذا الشرع نقلهم. ومقابل هذا القول هو عدم الوضع للمعنى الشرعي أصلا لا في هذا الشرع ولا في غيره، أو عدم إمضاء الشارع لما هو واقع من الوضع في الشرائع السابقة. و (بعبارة أخرى) المقصود من هذا البحث هو أن هذه الألفاظ هل هي موضوعة لهذه المعاني الموجودة في شرعنا بناء على أن هذه المعاني غير المعاني اللغوية. ولا فرق بين كونها مخترعة في شرعنا أو في الشرائع السابقة، حتى أنه عند الشك في المراد نحمل اللفظ على هذه المعاني الشرعية بحكم أصالة الحقيقة، أو نحمله على المعاني اللغوية أيضا لعين تلك الجهة، فلو كان النقل في الشرائع السابقة والامضاء من هذا الشرع ترتبت هذه الثمرة أيضا نعم هذه الثمرة لا تترتب ويكون هذا البحث لغوا لو قلنا بأن المراد في الاستعمالات الشرعية معلوم دائما، ولكن عهدة هذه الدعوى على مدعيها.
إذا عرفت هذا، فنقول: ادعاء الوضع التعييني في المقام مشكل جدا، لأنه لو كان مثل هذا الامر من قبل الشارع لظهر لنا، لتوفر الدواعي على نقله. وليس من قبيل الأمور الراجعة إلى الخلافة والرئاسة حتى تكون فيه دواعي الاخفاء.
و (بعبارة أخرى) هذا من قبيل لو كان لبان، لا من قبيل عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود.
واما ما أفيد من أن الوضع التعييني كما يمكن أن يتحقق بالاعلان إلى عامة المسلمين بأني وضعت اللفظ الكذائي للمعنى الفلاني وهذا مما يقطع بعدمه، إذ لو كان لبان، كذلك يمكن أن يتحقق بنفس استعمال اللفظ في ذلك المعنى بقصد تحقق العلاقة والارتباط بين ذلك اللفظ وذلك المعنى، غاية الامر أن مثل هذا الاستعمال ليس بحقيقة ولا مجاز، لأنه علة لصيرورة اللفظ حقيقة في ذلك المعنى، فكيف يمكن أن يكون حقيقة. و (بعبارة أخرى) الحقيقة متأخرة عن الوضع، والوضع