منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ٤٣
ثم إنه ربما يتوهم أنه على فرض تمامية هذه العلامات لا ثمرة لها الا بناء على حجية أصالة الحقيقة تعبدا (بيان ذلك) أنه لو استكشفنا أن لفظا - بواسطة إحدى هذه العلامات - حقيقة في المعنى الفلاني، و لكن ليس له ظهور فيه بواسطة احتفافه بما يصلح للقرينية على خلاف ذلك المعنى، فلا فائدة في هذا الاستكشاف الا بناء على لزوم الاخذ بالمعنى الحقيقي عند الشك تعبدا ولو لم يكن ظاهرا فيه. وأما بناء على ما هو التحقيق من أن الاخذ دائر مدار وجود الظهور، وهو موضوع الحجية، سواء كان مستندا إلى حاق اللفظ أو إلى القرينة، فكونه حقيقة فيه لا فائدة فيه.
و (بعبارة أخرى) المدار على ظهور اللفظ في المعنى سواء كان المعنى الظاهر حقيقيا أو مجازيا، فإذا أحرزنا الظهور أخذنا به، ولا ننظر إلى أنه معنى حقيقي أو مجازي، كما أنه لو لم نحرز الظهور لم نأخذ به ولو كان معنى حقيقيا.
وأنت خبير بأن نفس كون اللفظ حقيقة في معنى موجب لحصول الظهور في ذلك المعنى عند الشك في المراد وعدم نصب قرينة على خلاف المعنى الحقيقي. و (بعبارة أخرى) أصالة الحقيقة عبارة عن أن العقلا لو شكوا في أن مراد المتكلم هو المعنى الحقيقي أو المعنى المجازي حكموا بإرادة المعنى الحقيقي ما لم تنصب قرينة على الخلاف، فيرون أن اللفظ ظاهر فيه. وهذا الظهور لا يسلب عنه الا بمجئ القرينة على الخلاف، ومنشأ هذا الظهور بهذه الكيفية هو بناء العقلا و أهل العرف على ذلك في محاوراتهم.
واما ما ذكروه من أن إحدى العلامات للحقيقة والمجاز هو تنصيص الواضع، فان كان فيما إذا حصل من قوله العلم بالوضع فهو، والا ليس لنا دليل على حجية قوله، مضافا إلى أن هذا صرف فرض في زماننا بالنسبة إلى الألفاظ التي هي محل ابتلائنا في استنباط الاحكام.
وأما تنصيص أهل اللغة فسنتكلم عن حجية إخبارهم في مبحث حجية الامارات. واما صحة استعمال اللفظ في معنى بلا عناية و تكلف مراعاة العلاقة ونصب القرينة فقد قيل بأنها أيضا من أمارات الحقيقة. و الاشكال عليه بلزوم الدور قد عرفت جوابه في التبادر. و حاصله أن المعرفة الارتكازية لما وضع له كافية في
(٤٣)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»