و (منها) - الاطراد وعدمه. وقد عدوا الأول علامة الحقيقة والثاني علامة المجاز. والمراد من الاطراد أن يكون اللفظ المستعمل في فرد - باعتبار كونه مصداقا لكلي - جائز الاستعمال في كل ما هو فرد لذلك الكلي، مثلا لفظ الانسان يستعمل في زيد باعتبار كونه مصداقا للحيوان الناطق، وهذا المعنى مطرد بهذا الاعتبار في جميع الموارد، أي يجوز استعمال لفظ الانسان في كل ما هو مصداق للحيوان الناطق باعتبار أنه فرد له، فيستكشف من هذا الاطراد وعدم التخلف - ولو في مورد واحد - أن بين اللفظ وذلك المعنى الكلي علاقة و ارتباط تكون تلك العلاقة والارتباط علة لعدم التخلف ولا تحصل تلك العلاقة إلا بالوضع. وهذا بخلاف المجاز، فان استعمال لفظة (أسد) في زيد الشجاع مثلا باعتبار المشابهة في الشجاعة مع المعنى الحقيقي. وليس استعمال هذه اللفظة في كل ماله مشابهة مع المعنى الحقيقي بمطرد، لأننا نرى أن من يشبه الحيوان المفترس في البخر لا يجوز إطلاق لفظة (أسد) عليه، فمن هذا نستكشف ان لفظة (أسد) مثلا لم توضع لكل ما يشبه الحيوان المفترس، والا كان الاستعمال مطردا في جميع ما يشبهه، لئلا يلزم تخلف المعلول عن علته، لان الوضع علة جواز الاستعمال ووجود العلاقة والارتباط بين كل ما يشبه الأسد أي الحيوان المفترس مع لفظ الأسد. ولكن صحة هذا الكلام، وكون (الاطراد وعدمه) علامة للحقيقة والمجاز مبتن على أن يكون المراد من عدم الاطراد في المجازات باعتبار نوع العلائق المذكورة في هذا الباب، إذ من الواضح الجلي أن نوع علاقة الكل و الجز ليس مصححة لاستعمال اللفظ الموضوع للجز في الكل. ولا شك في ركاكة إطلاق لفظ المعدة والمعاء على الانسان بخلاف القلب والكبد والرقبة. وأما لو كان باعتبار الخصوصيات التي يصح معها الاستعمال، فالمجاز أيضا مطرد، فالاطراد في الكل، ويخرج عن كونه علامة وزيادة قيد على نحو الحقيقة أو بدون ادعاء أو ما يشابههما ولو كان يخصصه بالحقيقة، لكنه دور واضح. والجواب بالاجمال والتفصيل بالمعنى الذي ذكرنا لا يتأتى هاهنا، كما هو واضح.
(٤٢)