إلى هذه المدارك عند المتأخرين، واما الفقهاء القدماء فكانوا يقولون بالاجزاء من دون اتكائهم على مثل هذه المدارك، وفي اتفاقهم غنى وكفاية. وقد ذكر شيخنا الأستاذ - قده - ان في هذه المسألة ثلاث مقامات:
(الأول) - في باب العبادات بالنسبة إلى الإعادة والقضاء، وجزم بوجود الاجماع فيها على الاجزاء (الثاني) - في الأحكام الوضعية فيما إذا خرج الموضوع عن محل الابتلاء بتلف أو غيره، كما إذا عقد على امرأة باللغة الفارسية ثم ماتت، وبعد موتها تبدل اجتهاده وادى إلى بطلان عقد النكاح بالفارسية ففي هذا القسم تردد في تحقق الاجماع و إن لم يستبعد انعقاده بالنسبة إلى تبعات ذلك الموضوع التالف الخارج عن محل الابتلاء (الثالث) - في الأحكام الوضعية أيضا، اما فيما إذا كان الموضوع باقيا ولم يكن تألفا وخارجا عن محل الابتلاء وجزم في هذا القسم بعدم انعقاد الاجماع على الاجزاء، كما إذا فرضنا المرأة المفروضة في القسم الثاني لم تمت إلى زمان تبدل الاجتهاد.
ومما ذكرنا عرفت لحال بالنسبة إلى الامر العقلي بعد انكشاف الخلاف، وانه لا وجه لتوهم الاجزاء فيه، وذلك لأنه - بعد انكشاف الخلاف - يعلم بأنه ما أتى بالواقع ولا ببدله الذي يفي بغرضه، لأنه لا جعل ولا إحداث مصلحة في البين قطعا ولا يقول أحد بالسببية و التصويب فيه و (بعبارة أخرى) القول بالاجزاء صار محلا للبحث من جهة ذهاب جماعة من الامامية إلى التصويب المعتزلي، وإنكارهم وجود الاجماع على بطلان هذا القسم من التصويب ولكن قولهم هذا في مؤدى الامارات والأصول الشرعية. وأما بالنسبة إلى القطع أو الظن - بناء على تمامية دليل الانسداد على الحكومة أو الأصول العقلية - فلا مجال لهذا التوهم إذ لا جعل من قبل الشارع حتى تتوهم تلك السببية والموضوعية.
ثم إنه بناء - على القول بعدم الاجزاء - من الواضح الجلي أنه ليس لأحد المجتهدين المختلفين في الفتوى - القائل ببطلان ما أفتى به الاخر ولا لمقلديه - ترتيب