عن انصرافها عنها - لا ينافي الاثبات بذلك أيضا وعلى كل حال لا شك في أنه في مقام الثبوت يمكن كلا الشقين، لان الامر بالامر بشئ إن لم يكن نظره إلى الامر الثاني إلا من جهة طريقيته إلى إيجاد متعلقه و ليس له - أي للامر الثاني - موضوعية بمعنى أن غرض الامر بالامر لا يحصل بصرف تحقق الامر من المأمور بالامر بل غرضه مترتب على وجود ذلك الشئ الذي أمر بالامر به فالامر بالامر بشئ - بناء على هذا - أمر بذلك الشئ وأما لو لم يكن غرضه الا تحقق الامر من الطرف وليس له غرض في وجود ذلك الشئ الذي أمر بالامر به، فلا يكون الامر بالامر بشئ أمرا بذلك الشئ.
وأما في مقام الاثبات فلا يبعد أن يكون الامر بالامر بشئ أمرا بذلك الشئ وذلك بشهادة الوجدان حيث أن الانسان إذا أراد شيئا من شخص وكان هناك من لو أمره بذلك الشئ كان ادعى له إلى ذلك الفعل من مباشرة نفس الامر بالامر في أمره بلا توسيط ذلك الشخص كما أنه صلى الله عليه وآله وسلم لو كان يأمر الأطفال من كان عمره سبع سنين ابتداء - بدون توسيط الأولياء - بالصلاة لما كانوا يعتنون لضعف عقولهم وإدراكاتهم، وأما لو أمرهم الأولياء بذلك يعتنون لانهم يخافون منهم ولذلك عدل صلى الله عليه وآله و سلم عن أمرهم مباشرة إلى أمر أوليائهم بذلك فما ذكر في الكفاية - من عدم دلالة مجرد الامر بالامر بشئ على كونه أمرا بذلك، بل يحتاج في الدلالة عليه إلى قرينة عليه - ليس كما ينبغي وذلك من جهة وجود القرينة النوعية.
فصل هل يجوز للامر أن يأمر بشئ مع علمه بانتفاء شرطه؟ اختار صاحب الكفاية (قدس سره) في هذا المقام عدم الجواز مستندا إلى أن الشرط من أجزاء علة وجود الشئ، ولا يمكن أن يوجد الشئ إلا بعد تمامية علة وجوده والظاهر من هذا الكلام أنه أرجع ضمير شرطه إلى الامر لا إلى المأمور به، ولذلك يقول نعم لو كان المراد من لفظ الامر الامر ببعض مراتبه ومن الضمير الراجع إليه بعض مراتبه الاخر