يعارضه إطلاق أدلة المبدل منه لحكومته عليها لان مفاد دليل البدل إما توسعة في الجعل أو في عالم الامتثال. وعلى كل من التقديرين لا يبقى محل لاطلاق دليل المبدل منه وأما إن لم يكن لدليل البدل إطلاق فالمرجع إطلاق دليل المبدل منه وقد عرفت مقتضاه وهو عدم الاجزاء إلا أن يدل دليل خارجي على عدم وجوب عملين كلاهما في الوقت أو أحدهما يكون في خارج الوقت وإن لم يكن لدليل المبدل منه أيضا إطلاق ووصلت النوبة إلى الأصول العملية، فالأصل البراءة و الاستصحاب التعليقي الحاكم على هذا الأصل لا يجري كما ذكرناه مفصلا، وفي صورة القطع بفوات مصلحة ملزمة إذا شككنا في إمكان تحصيلها يكون من قبيل الشك في القدرة ويجب الاقدام حتى يظهر العجز.
(المقام الثالث) - في أن الاتيان بالمأمور به بالامر الظاهري هل يكون مجزيا عن الاتيان بالمأمور به بالامر الواقعي الأولي بعد كشف الخلاف ورفع الجهل أم لا؟ وكشف الخلاف قد يكون قطعيا وقد يكون ظنيا بالظن المعتبر أو بمطلق الحجة المعتبرة شرعا ولو كانت أصلا عمليا تنزيليا أو غير تنزيلي، فيجري البحث فيه في موضعين:
(الأول) - في انكشاف الخلاف القطعي وهو أيضا على صور:
(الأولى) - أن يكون المأمور به بالامر الظاهري مفاد الامارات وكان من الاحكام الكلية وضعية أم تكليفية وذلك كما إذا قامت أمارة على طهارة العصير العنبي أو حلية لحم الحيوان الفلاني، ثم انكشف خلافهما انكشافا قطعيا أو قامت أمارة علي وجوب صلاة الجمعة في عصر الغيبة، ثم انكشف خلافه انكشافا قطعيا فباختلاف المسالك فيما هو المجعول في باب الامارات يختلف الحال (فمن يقول) بأن قيام الامارة على حكم شرعي وضعي أو تكليفي بل وعلى موضوع خارجي يوجب حدوث مصلحة أو مفسدة في مؤداه تغلب على مصلحة الواقع أو مفسدته عند المخالفة وعدم الإصابة وتستتبع تلك المصلحة والمفسدة الحادثتان بواسطة قيام الامارة جعل الشارع حكما شرعيا تكليفيا أو وضعيا وجوبيا أو تحريميا إلزاميا أو غير إلزامي حسب ما تقتضيه تلك المصلحة والمفسدة (فلا بد) له من القول بالاجزاء، وإن مؤديات الامارات