أجره أكثر، وذلك بناء على ما ذكرنا من أن الاستحقاق بمعنى القابلية و الأهلية واضح لأنه كلما كان تعبه أكثر تكون قابليته وقربه منه تعالى أزيد ولعله إلى هذا يشير قوله عليه السلام (أفضل الأعمال أحمزها).
(الثاني) - في ورود إشكالات على الطهارات الثلاث (منها) - أنه لا ريب في استحقاق الثواب على فعلها كسائر العبادات مع أن أوامرها مقدمية غيرية وقد تقدم أن الامر الغيري توصلي لا يوجب استحقاق الثواب على إتيان متعلقه وأجيب عن هذا الاشكال بما تقدم من استحقاق الثواب على إتيان الواجب الغيري بقصد التوصل إلى الواجب النفسي الذي هو مقدمة له، وأنت خبير بعدم صحة هذا الجواب لان الاتيان بالطهارات الثلاث يوجب استحقاق الثواب إذا أتى بها بقصد القربة سواء قصد التوصل أو لم يقصد بل لو لم يقصد الا صرف الكون على الطهارة يكفي في صحته وترتب الثواب على فعله فتأمل، و (منها) - أن أوامر الطهارات الثلاث غيرية والامر الغيري توصلي لا يشترط في امتثالها وسقوطها إتيان متعلقها بقصد التعبد والقربة، مع أن الامتثال في الطهارات الثلاث لا يتحقق الا بإتيانها بقصد القربة، و (منها) - ان ما هو المقدمة بالحمل الشائع فيها ليس ذوات هذه الطهارات بل هي بما انها عبادات لما ذكرنا في الاشكال الثاني من أنه لا يتحقق امتثالها الا بقصد القربة، فيكون الامر الغيري متعلقها بها بما انها عبادة فيتوقف الامر الغيري على عباديتها وعباديتها تتوقف على هذا الامر الغيري، لأنه ليس هنا أمر آخر تتحقق به عباديتها هذا مع أنه يصح إتيانها بقصد امتثال ذلك الغيري ولو لم يقصد أمرا آخر أصلا ولو كان مناط عباديتها ذلك الامر الاخر لما كان مناص و بد الا من إتيانها بقصد ذلك الامر الاخر.
وهذا الاشكال الثالث مع الاشكال الثاني من قبيل المنفصلة المانعة الخلو لا يجتمعان فان مناط الثاني هو كونها واجبات توصلية ومناط الثالث كونها تعبدية فيرد الاشكال الثالث بعد الجواب عن الاشكال الثاني بقبول انها أمور عبادية ولذلك لا يمكن امتثالها الا مع إتيانها بقصد القربة.