منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ٢٠٩
وإن قلنا بأن الفرق بينهما ليس في أصل الإرادة ولا في مرتبتها من الشدة والضعف، بل الفرق بوجود ترخيص في الترك في طرف الاستحباب دون الوجوب كما تقدم، فالامر أوضح وانه بمجئ الوجوب لا ينعدم الا ذلك الترخيص، وأما أصل الإرادة فباقية بلا زيادة ولا نقيصة، لأن المفروض أنها فيهما شئ واحد.
هذا مع أن الوجوب الغيري ليس في عرض الاستحباب النفسي حتى يلزم انعدامه بمجئ الوجوب بل يكون الاستحباب النفسي بمنزلة الموضوع للوجوب الغيري فلا انعدام ولا اندكاك، و (بعبارة أخرى) الاندكاك يتوقف على أمرين مفقودين في المقام (الأول) أن يكون متعلق الإرادة الاستحبابية والوجوبية واحدا و (الثاني) أن يكون الفرق بينهما بالشدة والضعف فحينئذ يندك الضعيف في القوي وفيما نحن فيه متعلق الإرادة الاستحبابية النفسية هو نفس الذات ومتعلق الإرادة الوجوبية الغيرية هو الذات المقيدة بأن يؤتى بها بقصد القربة، أي الذات المقيدة بكونها عبادة، فاختلف المتعلقان بحسب الرتبة. وأيضا قد تقدم أن اختلاف الوجوب والاستحباب ليس بشدة الإرادة وضعفها كما توهم، بل الإرادة في كليهما عبارة عن الشوق المؤكد، وانما الفرق بينهما بالترخيص في الترك في الاستحباب دون الوجوب، والا من حيث شدة الإرادة وضعفها لا فرق بينهما أصلا فليس هناك ضعيف وقوي حتى يندك أحدهما في الاخر، ولا يلزم اجتماع المثلين ولا الضدين لاختلاف رتبة المتعلقين فيمكن القول بالاستحباب النفسي لها مع ثبوت الوجوب الغيري أيضا لها ولا يلزم محذور انعدام الاستحباب النفسي بعد مجئ الوجوب الغيري.
واما الجواب عن (الثاني) فبأنه يمكن استفادة استحباب التيمم نفسيا أيضا عن بعض أخبار الباب.
وأما عن (الثالث) فبأنه إذا رجع قصد الامر الغيري إلى قصد التوصل بإتيانها إلى الواجبات النفسية التعبدية التي هي مقدمة لها، فهذا هو عين العبادة ومقرب من حين الشروع في هذه المقدمات بهذا القصد، وأما إن كان المراد منه غير هذا المعنى
(٢٠٩)
مفاتيح البحث: الوقوف (1)، التيمّم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»