منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ٢٠٥
بقصد أمره الغيري الأصلي لا التبعي يمكن أن يقال إنه إن لم يرجع إلى قصد التوصل به إلى إتيان ما هو ذو المقدمة وما هو المطلوب بالذات أعني الواجب النفسي لا يكفي في كونه مقربا، فلو قال ادخل السوق واشتر اللحم بحيث ندري بأنه لا غرض له في دخول السوق أصلا بل هو مطلوب لأجل اشتراء اللحم فلو دخل السوق في الفرض بقصد أمر المولى له بالدخول، ولكن ليس بناؤه على شراء اللحم مع علمه بأن الدخول ليس مطلوبا ذاتيا نفسيا، وانما المطلوب الذاتي هو شراء اللحم، فمثل هذا الشخص لا يعد مطيعا ومنقادا مع أنه أتى بالمأمور به بالامر الغيري بقصد امره الغيري، والسر في ذلك ما ذكرنا من أن المطلوب الغيري ليس مطلوبا ذاتيا بل انما هو مطلوب بالعرض فإذا لم يكن إتيانه بقصد التوصل إلى المطلوب الذاتي لا يعد مطيعا ومنقادا لأمر مولاه ولا يحصل له قرب بإتيان الواجب الغيري ولو كان بقصد أمره الغيري، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الواجب الغيري من قبيل المقدمات العقلية أو يكون من قبيل الشروط الشرعية كالاستقبال وطهارة البدن مثلا نعم لو كان قصده من إتيان الشروط الشرعية التوصل بها إلى وجود تلك الخصوصية التي توجد في الواجب النفسي بواسطتها فهذا يرجع إلى ما ذكرنا من التوصل به إلى إيجاد الواجب النفسي فيصير أهلا لان يثاب و يؤجر بذلك.
هذا كله بناء على أن يكون الاستحقاق بمعنى القابلية والأهلية واما الاستحقاق بالمعنى الثالث أي بمعنى الوعد ولزوم الوفاء به من قبله تعالى لئلا يلزم القبيح وهو خلف الوعد فلا بد من التتبع في الأدلة الواردة في هذا الباب وانه هل فيها ما يشمل بخصوصها أو عمومها ترتب الثواب على إتيان الواجب الغيري ولو لم يأت به بقصد التوصل إلى الواجب النفسي أو لا؟ فنقول:
أما الأدلة العامة الواردة في هذا الباب فالوعد فيها غالبا يكون بعنوان المطيع والمنقاد وأمثالهما وقد عرفت عدم شمول هذه العناوين لمن يأتي بالواجب الغيري الا إذا كان بقصد التوصل به إلى ذي المقدمة والواجب النفسي.
(٢٠٥)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»