منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ٢٠٦
وأما الأدلة الخاصة فلو كان هناك دليل على ترتب الثواب على واجب غيري من دون إتيانه بقصد التوصل به إلى الواجب النفسي فمثل هذا الدليل يدل على استحباب ذلك الواجب الغيري نفسيا كما هو الشائع في الاخبار من بيان الاستحباب بلسان ترتب الثواب ويكون من قبيل ذكر اللازم وإرادة الملزوم كباب الكنايات، ولا ضير في كون المستحب النفسي واجبا غيريا ومقدمة لواجب نفسي.
فقد ظهر مما ذكرنا أنه سواء قلنا بأن الثواب من باب الاستحقاق أو قلنا بأنه من باب التفضل بأي معنى كان التفضل مما ذكرنا من المعنيين الآخرين لا يترتب الثواب على الواجب الغيري الا إذا أتى به بقصد التوصل إلى الاتيان بذي المقدمة.
وقد ظهر مما ذكرنا أيضا أنه لو أتى بالواجب الغيري بهذا القصد أي بقصد التوصل إلى الواجب النفسي لا يكون له ثواب مستقل في عرض الثواب على الواجب النفسي، بل إذا أتى به بهذا القصد يكون شروعا في امتثال الواجب النفسي وإطاعة له، فثوابه عين ذلك الثواب، وإلا فالمتصل التدريجي قابل للقسمة إلى ما لا يتناهى و تصدق الإطاعة على جميع الآنات من حين الشروع إلى حين الانقضاء، فلو كان في كل آن يستحق ثوابا غير ثواب الان الاخر يلزم استحقاقه لثوابات كثيرة لا تحصى وهو بعيد.
وأما ما ورد في زيارة مولانا سيد الشهداء صلوات الله وسلامه عليه من أن له بكل خطوة حجة مقبولة وعمرة مقبولة فقد بينا أنه مما يدل على أن هذه الخطوات مستحب نفسي فيكون خارجا عن محل الكلام.
والحاصل أن الثواب الموعود على الواجب النفسي هو الذي يستحقه من أول شروعه في إتيان المقدمة بقصد التوصل إلى إتيان ذي المقدمة وليس هناك ثواب آخر نعم ربما يزيد في ثواب ذي المقدمة بواسطة كثرة المشقة الحاصلة في مقام امتثال الواجب النفسي لكثرة مقدمات ذلك الواجب أو لصعوبة مقدمة من المقدمات بحيث لا بد له من تحمل المشاق الكثيرة والجهد الطويل في تحصيل مثل تلك المقدمة، والحاصل أنه كلما كان تعب العبد أزيد وجهده أكثر في مقام إطاعة أوامر مولاه ونواهيه يكون
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»