إطاعة أمر المولى ونهيه أو أوامره ونواهيه يكون له حق على الله تعالى بأن يعطيه الثواب، مثل الأجير الذي يعمل لشخص عملا فيستحق بذلك العمل أجره، ويكون أجره في عهدته فمثل هذا المعنى في حقه تعالى واضح البطلان، نعم استحقاق العقاب لا بأس بالقول به بهذا المعنى عند المخالفة وعدم إطاعة أو امره، لان العقل مستقل في الحكم بأن كفران المنعم الحقيقي الذي ينتهي إليه جميع النعم حتى نعمة وجود هذا الكافر للنعم ظلم عليه فيستحق العقاب لهذا الظلم، وأما إطاعة الأمر والنهي بالموافقة لهما فهي وظيفته وأداء الوظيفة لا يوجب أجرا، نعم يوجب المدح والثناء عند العقلا بمعنى قابليته لهذا المعنى وأهليته عندهم لهما لا بمعنى وجوبهما عليهم فإطاعة العبد لمولاه لا يوجب أجرا عليه في نظر العقل.
نعم بناء على القول بتجسم بعض الأعمال في عالم البرزخ أو الدار الآخرة وقد دلت على ذلك أخبار كثيرة في طرفي الثواب والعقاب التي يعبر عنها بالآثار الوضعية، يمكن القول بالاستحقاق بالنسبة إليها بمعنى أن تلك المثوبات أو العقوبات نفس تلك الأعمال الحسنة تتشكل هناك بهذا الشكل وتشير إلى هذا المعنى أخبار وآيات كثيرة.
وإن كان يقول بمعنى قابليته وأهليته لذلك بواسطة أعماله الحسنة بمعنى أن فيضه تعالى عام ولا بخل في المبدأ الفياض فإذا لم تكن نفسه الدنسة أو الدنيئة الخبيثة مانعة عن صيرورته موردا للألطاف الإلهية بواسطة كفره أو بعض المعاصي المانعة من قابليته للفيض الإلهي يفيض الله عليه من أنواع الخيرات ما هو أهل لذلك وبمقدار قابليته، فهذا حق لا إشكال فيه، لكن هذا هو عين التفضل، ولا ينبغي أن يقع مثل هذا المعنى محل نزاع بين المتكلمين ولا ينكره موحد فضلا عن المسلم وجميع الإفاضات من المبدأ الفياض سواء كان في دار الدنيا أم في النشأة الأخرى على هذا الشكل ومن هذا القبيل.
ثم إنه يمكن أن يكون مرادهم من الاستحقاق هو وجوب الاعطاء على الباري جل جلاله من باب وعده حيث أنه تعالى وعد المتقين و المطيعين بالجنة وأنه لا يخلف