منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ٢٠٨
وأجاب صاحب الكفاية (قده) عن هذه الاشكالات بالالتزام بأنها مستحبات نفسية يترتب الثواب عليها لأنها مستحبات نفسية كسائر المستحبات التي يستحق فاعلها الأجر والثواب واحتياج امتثالها إلى قصد القربة أيضا من هذه الجهة، واما الجواب عن الاشكال الثالث فواضح من جهة ان عباديتها ليست متوقفة على الامر الغيري بل لو لم يتعلق بها أمر غيري أصلا ولم تكن هذه الأشياء مما يتوقف عليها واجب نفسي لكانت نفسها راجحة مطلوبة غاية الامر بالطلب الاستحبابي لا الوجوبي.
وأوردوا على هذا الجواب إشكالات (أحدها) ان الامر الاستحبابي ينعدم حين مجئ الامر الغيري الوجوبي والا يلزم اجتماع الضدين لان الأحكام الخمسة متضادة بأسرها ولو اعتبار منشأ انتزاعها ومنشأ اعتبارها (ثانيها) - عدم التزامهم بالاستحباب النفسي للتيمم (ثالثها) - أن قصد الامر الغيري كاف في إتيانها من دون توجه إلى استحبابها النفسي، حتى قال بعض الفقهاء (قدس سره) انه لو أتى بها بعد دخول الوقت بنية الندب لا يصح بل لا بد من إتيانه في ذلك الحين بنية الوجوب، وقال بعضهم لو دخل الوقت في الأثناء يستأنف النية.
والجواب اما عن (الأول) فبأن حقيقة الوجوب والاستحباب ان قلنا بأنه عبارة عن نفس المرادية والمطلوبية والفرق بينهما بصرف الشدة والضعف فمجئ الوجوب لا يوجب انعدام واقع الإرادة الضعيفة بل يوجب انعدام حد الضعف كما هو الحال في جميع موارد الاشتداد والحركة في الكيف، فالعنب أو التمر الذي يأخذ في اشتداد الحلاوة بمجئ مرتبة أشد لا تنعدم ذات الحلاوة الضعيفة بل الذي ينعدم هو حدها العدمي وضعفها يتبدل إلى القوة، وفي جميع الاستكمالات يكون الحال على هذا المنوال فالنفس الانسانية أيضا في استكمالاتها ووصولها إلى مرتبة قوية كاملة من مرتبة ضعيفة ناقصة لا ينقص منها شئ بل كمال فوق كمال ولبس فوق لبس، فبناء على هذا بعد مجئ الوجوب الغيري لا ينقص من الإرادة الاستحبابية شئ بل تلك باقية وتشتد وتزيد على تلك المرتبة مرتبة أخرى فينعدم حد الضعف ولا ينعدم أصل الإرادة الاستحبابية.
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»