منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ١٩٤
تناف بل كان بينهما كمال الملائمة كما فيما نحن فيه فان بين الاطلاق الشمولي في طرف الهيئة وبين الاطلاق البدلي في جانب المادة لا تنافي أصلا، مثلا فيما إذا شككنا ان الطهارة قيد للوجوب الذي هو مفاد الهيئة أو للواجب أعني المادة في مثل صل متطهرا فلا مانع من أن يكون الوجوب والواجب كلاهما بالنسبة إلى هذا القيد مطلقين ولا تنافي بينهما، فتكون الصلاة مطلقا سواء كانت مع طهارة المصلي أو لا واجبة مطلقا سواء كانت الطهارة موجودة أو لا، والتنافي انما جاء من قبل العلم الاجمالي بأن القيد راجع إما إلى المطلق الشمولي واما إلى المطلق البدلي وحينئذ لا وجه لتقديم تقييد أحد الاطلاقين على الاخر بل كلاهما يسقطان بواسطة التعارض بالعرض بمقتضى العلم الاجمالي ويكون من قبيل تعارض الحجة واللاحجة في باب تعارض الخبرين إذا علم بكذب أحدهما.
واعترض على هذا البيان أستاذنا المحقق (قده) بأنه لو قلنا بتقديم الاطلاق الشمولي على الاطلاق البدلي لم يكن فرق بين التعارض بالذات والتعارض بالعرض بواسطة العلم الاجمالي.
وأنت خبير بأن الفرق بينهما في غاية الوضوح لأنه لو كانت جهة التعارض تنافي مدلوليهما قلنا ان مدلول الاطلاق الشمولي يرفع موضوع حكم العقل بالتخيير في تطبيق صرف الوجود على الفرد الذي يكون مشمولا للاطلاق الشمولي المخالف في الحكم للاطلاق البدلي، وأما لو كان وجه التعارض هو العلم الاجمالي بتقييد أحد الاطلاقين فالموضوع وما هو مناط الاطلاق في كليهما موجود وعدم إرادة الاطلاق في كل واحد منهما يدور مدار أن يكون القيد راجعا إليه، وحيث أن تعيين رجوع القيد إلى أحدهما المعين ترجيح بلا مرجح، فيسقط كلا الظهورين عن الاعتبار حتى أنه لو كان عام أصولي و إطلاق بدلي وعلمنا إجمالا بورود قيد على أحدهما لا وجه لترجيح أحدهما على الاخر.
وأنت عرفت بأن عدم إرادة الاطلاق في جانب المادة قطعي فالعلم الاجمالي بعدم إرادة أحد الاطلاقين ينحل إلى علم تفصيلي بعدم إرادته في جانب المادة وشك
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»