منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ٢١٦
ولا يمكن ذلك في التكوينية ولذلك ترى أن أمر المولى عبده بأحد الشيئين أو الأشياء ممكن وواقع في الأوامر العرفية من دون احتياج إلى انتزاع مفهوم كلي مثل مفهوم أحدهما حتى يكون ذلك المفهوم الكلي للإرادة متعلقا، فان العرف لا يلتفتون إلى أمثال هذه العناوين أصلا.
و (الحاصل) أن متعلق الإرادة التشريعية عند شيخنا الأستاذ (قده) واقع أحدهما أي هذا الخاص أو ذاك الخاص، وهكذا لو كانت أطراف التخيير أكثر من اثنين وأنت خبير بأن المردد لا وجود له في الخارج، و هكذا واقع أحدهما بوصف أنه مردد نعم يمكن أن يكون مفهوم أحدهما - بما هو حاك عن كل واحد منهما ومنطبق على الاثنين على البدل - متعلقا للإرادة، ولكن هذا غير أحدهما المردد بل هو جامع انتزاعي، وكل واحد منهما مصداقه فيكون حاله من هذه الجهة كسائر الجوامع فيما إذا تعلقت الإرادة بصرف الوجود من الطبائع المأمور بها، حيث تنطبق على كل فرد من أفراد تلك الطبيعة وذلك الجامع. و هذا مطلب آخر غير ما أفاده شيخنا الأستاذ (قدس سره).
و (أما ما أفاده) - من الفرق بين الإرادتين من عدم إمكان تعلق التكوينية بالمردد وإمكان تعلق الأخرى - فليس كما ينبغي، وذلك لان الإرادة التشريعية أيضا لا يمكن أن تتعلق بالمردد، لما تقدم من أن إرادة المأمور في مقام الامتثال لا بد وأن تتعلق بعين ما تعلقت به إرادة الامر، لأنه لا معنى للامتثال إلا إتيان مراد المولى. وإتيان مراده بالاختيار لا يمكن إلا بتعلق إرادته بما تعلقت به إرادة المولى و (بعبارة أخرى) تعلق إرادة المولى بشئ انما يكون ويتحقق لأجل ان يكون محركا للعبد نحو إرادة نفس ذلك الشئ، لا إلى شئ آخر فلا بد وأن يكون ذلك الشئ الذي أراده المولى قابلا لان تتعلق به إرادة العبد، ففي كل إرادة تشريعية لا بد وأن تكون هذه القابلية، فتنتج هذه المقدمات ان كل ما لا يمكن ان تتعلق به إرادة تكوينية لا يمكن ان تتعلق به إرادة تشريعية.
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»