منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ١٧٦
بحيث لو لم يكن الشئ الاخر مطلوبا لما كان هذا مطلوبا.
(الطريق الخامس) - هو حكم العقل بلزوم إتيان المقدمات الوجودية التي لو لم يأت بها قبل زمان الواجب أو قبل حصول سائر شرائط الوجوب لم يكن قادرا على إتيان الواجب بعد حصول شرط الوجوب وفي زمان الوجوب.
بيان ذلك أن القدرة المعتبرة في صحة التكليف إما عقلية وإما شرعية سواء كان اعتبار القدرة من جهة حسن التكليف وقبح تكليف العاجز أو كان من جهة أن حقيقة الامر هو البعث إلى أحد طرفي المقدور بحيث يكون التكليف إلى العاجز ممتنعا لا من جهة قبحه حتى لو جوزنا على الامر ارتكاب القبيح لا يجوز مع ذلك توجيه التكليف إلى العاجز، والفرق بين القدرتين هو أن القدرة العقلية ليست دخيلة في الملاك ثبوتا ولم تؤخذ في متعلق التكليف إثباتا بخلاف القدرة الشرعية فإنها تؤخذ في متعلق التكليف إثباتا وتكون دخيلة في الملاك ثبوتا.
فان كانت القدرة المعتبرة عقلية فالعقل لا يحكم بالعجز إلا في صورة امتناع إيجاد المأمور به بقول مطلق، بمعنى أنه لا طريق له إلى إتيانه بأي صورة لا بتحصيل القدرة حتى قبل وقت الواجب وقبل حصول سائر شرائط الوجوب ولا بحفظ القدرة الموجودة وإبقائها إلى زمان حصول وقت الواجب ووجود سائر شرائط الوجوب، وإلا لو كان متمكنا من إتيان الواجب في زمان وجوبه ولو بتحصيل القدرة قبل ذلك الزمان أو حفظها إذا كانت موجودة قبل ذلك وإبقائها إلى زمان لزوم امتثال الواجب فلا يعذره العقل في ترك ذلك الواجب معتذرا بعدم القدرة عليه لو لم يحصل مع إمكان تحصيلها أو لم يحفظها مع إمكان حفظها وإبقائها إلى زمان امتثال الواجب ولا يعده عاجزا، بل يحكم بدخوله تحت قاعدة (الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا لا خطابا) وان قال به أيضا بعض كأبي هاشم المعتزلي. والمراد من هذه القاعدة العقلية في المقام - وان كان لها معنى آخر خارج عن بحثنا بل عن هذا الفن - هو أن المكلف بعد ما يمكنه إطاعة المولى ولو بتحصيل القدرة أو إبقائها على التفصيل الذي ذكرناه لو عجز
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»