نفسه عن الامتثال ولو كان تعجيز نفسه بعدم تحصيل القدرة أو عدم حفظها مع إمكانهما جعل الامتثال ممتنعا باختياره والامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا وإن كان ينافيه خطابا لما ذكرنا من امتناع توجيه الخطاب إلى العاجز مطلقا لقبحه أو عدم إمكانه و إن كان الامتناع بسوء اختياره.
وأورد عليه أستاذنا المحقق (قده) بأن مورد هذه القاعدة بعد وجود خطاب موجه إليه من قبل المولى، ففي ظرف لزوم امتثاله لو عجز العبد نفسه بسوء اختياره أو لم يحصل القدرة أو لم يحفظ الموجودة منها مع إمكانهما يكون مشمولا لهذه القاعدة، وأما عدم تحصيلها أو عدم حفظها قبل وجود خطاب في البين فلا ربط له بهذه القاعدة أصلا.
وأنت خبير بأنه لا فرق في نظر العقل وحكمه بين أن يكون الخطاب موجودا فعلا أو يعلم بأنه سيوجد بل يحكم في كلتا الصورتين بلزوم تحصيل القدرة لو لم تكن وأمكن وبلزوم حفظها لو كانت و أمكن الحفظ، فكما لو نزل عليه ضيف واجب الاكرام بنظر العقل بملاك شكر المنعم أو الا من من العقوبة أو بأي ملاك آخر في نظره فان العقل يحكم بدخول السوق مثلا وتهيئة أسباب إكرامه، فكذلك في نظره بلا تفاوت أصلا لو كان يعلم بأنه غدا ينزل عليه الضيف ولكن السوق غدا معطلة لا يمكنه فيه تهيئة شئ من أسباب الاكرام فإنه يحكم بلزوم دخول السوق مثلا وتهيئة أسباب الاكرام، وإن كانت عنده أسباب الاكرام موجودة ولا توجد في مكان وغدا لا يمكن تحصيلها فيحكم بلزوم حفظ ما عنده من القدرة، وإلا يعد في نظر العقل من الذين يجعلون الامتثال ممتنعا عليهم بسوء اختيارهم.
نعم كل هذا فيما إذا كان الواجب مشروطا بالقدرة العقلية والعقل حينئذ لا يعذر المكلف الا مع عدم كونه قادرا مطلقا أي لا يكون قادرا في زمان الامتثال ولا على تحصيلها في ذلك الزمان ولا على تحصيلها قبل ذلك الزمان ولا على حفظها وإبقائها لو كانت موجودة قبل زمان الوجوب إلى زمانه فقهرا إذا كان قادرا ولم يحفظها