منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ١٦٨
شرائطه أو من إعدام موانعه، أما لو كان من قبيل الأول فواضح لأن المفروض ان صيرورة الواجب ذا مصلحة لا يتحقق إلا بعد وجوده و الإرادة تتبع المصلحة ولا يمكن أن تكون دائرة متعلق الإرادة أوسع من دائرة ذي المصلحة ولا أضيق، وإلا يلزم أحد الامرين الباطلين، أي اما ان تتعلق الإرادة بشئ لا مصلحة فيه أو لا تتعلق بشئ تكون فيه المصلحة وكلاهما باطلان، وذلك لان نسبة الإرادة والطلب إلى المصلحة نسبة المعلول إلى العلة فيكون الوجوب منوطا بوجوده، ولو كان من قبيل الثاني - أي كان دخيلا في ترتب المصلحة وجودا على الواجب يعني تكون مدخليته في المصلحة كمدخلية أجزأ الواجب وشرائطه وإعدام موانعه، فلا يمكن أيضا أن يقع تحت التكليف لان الامر غير المقدور لا يمكن أن يتعلق به التكليف إما لقبح التكليف بالنسبة إلى غير المقدور أو لامتناعه من جهة أن حقيقة الامر هو البعث والتحريك نحو أحد طرفي المقدور فالقدرة - بناء على هذا - مأخوذة في نفس حقيقة الامر، بحيث لو لم نقل بقبح تكليف العاجز وأنكرنا الحسن والقبح العقليين فمع ذلك أيضا لا يجوز التكليف بغير المقدور لامتناعه، فظهر أن الأمور غير الاختيارية لا تقع متعلقا للتكليف مطلقا وعلى كل حال. وأما القيود الاختيارية فان كانت مما لها دخل في صيرورة الواجب ذا مصلحة فلا محالة يكون الواجب بالنسبة إليها مشروطا، لما ذكرنا في القيود غير الاختيارية، وإن كان لها دخل في وجود المصلحة الملزمة وترتبها على وجود ذلك الواجب، فلا محالة تتعلق بها الإرادة وإلا يلزم أن تكون دائرة متعلق الإرادة أضيق من دائرة ذي المصلحة بمعنى أنه هناك شئ له مدخلية في وجود المصلحة، وصدورها عن الواجب وترتبها عليه. و مع ذلك لا يكون متعلقا للإرادة وهذا خلاف ما تحقق عند الإمامية رضوان الله تعالى عليهم من تبعية الأوامر للمصالح.
وقد ظهر مما بينا أن في ثلاثة أقسام من الأقسام الأربعة المذكورة - أي في القيود غير الاختيارية بكلا قسميه وفي الاختيارية منها إذا كان دخيلا في صيرورة
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»