في التوصلية والتعبدية حصول الغرض بذلك المعنى مشكوكا فيه بدون قصد القربة، وحيث أن تحصيل الغرض لازم بحكم العقل فلا بد أن يقصد القربة، والا يشك في الخروج عن عهدة ما اشتغلت ذمته به، (وبعبارة أخرى) يكون الشك في سقوط ما وجب عليه وقد قلنا أنه مجرى للاشتغال.
وأجاب شيخنا للأستاذ (قده) عن هذا البيان بأنه لو كانت نسبة المصالح والملاكات إلى متعلقات التكاليف من قبيل المسببات التوليدية إلى أسبابها لكان لهذا الكلام مجال، لأنه حينئذ الواجب في الحقيقة ليس ذات المتعلق مطلقا، بل بما هو معنون بعنوان المسبب فالغسلة الواحدة أو الغسلتين مع العصر أو بدونه ليس متعلقا للتكليف الا بعنوان انه مطهر فإذا شككنا في مدخلية شئ آخر غير المقدار المعلوم في سببية السبب يكون مجرى للاشتغال، مثلا لو شككنا في مدخلية العصر أو تعدد الغسلات يكون مجرى للاشتغال لا للبراءة، لأنه شك في السقوط لما قلنا من أن الغسل متعلق للتكليف بما هو تطهير كما هو الشأن في باب الأسباب والمسببات التوليدية، وأما لو كان من قبيل المعد بالنسبة إلى المعد له كالحرث وإلقاء البذر والسقي بالنسبة إلى صيرورة الزرع سنبلا كما هو كذلك عنده (قدس سره)، لأنه - أعلى الله مقامه - يرى أن العبادات بالنسبة إلى الآثار التي رتبها الشارع عليها من قبيل المعد بالنسبة إلى المعد له، فتحصيل الغرض ليس بلازم على العبد لأنه ليس من أفعاله الاختيارية وما هو اللازم عليه هو إتيان متعلق التكاليف الموجهة إليه فقط، واما الآثار والخواص المترتبة عليها فلا يجب عليه تحصيلها، فإذا احتمل دخل شئ في الغرض بذلك المعنى لا يجب عليه إتيانه ان لم يكن مأخوذا في متعلق التكليف فيكون مجرى للبراءة.
هذا حاصل كلامه (قدس سره) في هذا المقام. ونحن وان كنا لا نوافقه في أن حال متعلقات التكاليف بالنسبة إلى ملاكاتها من قبيل المعد والمعد له، وليس أيضا من قبيل الأسباب والمسببات التوليدية، بل هاهنا شق ثالث، وهو ان يكون من قبيل العلة والمعلول التكويني، بحيث يكون لهذه العبادات وجود ولآثارها وجود