من قبل الامر ويكون متأخرا عن الامر لا يمكن أن يتحقق في الرتبة السابقة على الامر، والا يلزم تقدم الشئ على ما هو مقدم عليه. ومن الاطلاق في تلك المرتبة - أي من إطلاق المادة قبل تعلق الامر بها و عدم تقييدها بكونها مقدورة - نستكشف إطلاق الملاك في كلتا الحالتين أي سواء كانت مقدورة أو لم تكن.
(إن قلت): من مقدمات الاطلاق هو لزوم نقض الغرض لو كان مراده المقيد ولم يقيد، وفيما نحن فيه ليس كذلك لأنه لا يلزم من ترك التقييد بالقدرة لو كان مراده المقيد بها نقض غرض أصلا إذا لا يمكن للمكلف أن يأتي بالحصة غير المقدورة من الطبيعة المأمور بها حتى يلزم نقض الغرض، وأيضا من مقدمات الاطلاق أن يكون في مقام البيان وبصدد إفهام المكلف بأن الملاك قائم بأي شئ و بالطبيعة المطلقة أو بحصة منها. ومن المعلوم أن إحراز ذلك وأنه بصدد بيان أن الملاك قائم بأي مقدار من المادة لا طريق إليه، فالتمسك بإطلاق المادة لاطلاق الملاك لا وجه له.
(قلنا) أما الأول أي لزوم نقض الغرض لو كان مراده المقيد ولم يقيد (فأولا) - أنه يلزم ذلك فيما إذا كان الفرد المزاحم للواجب الفعلي كالصلاة في سعة الوقت بالنسبة إلى الإزالة غير مقدور شرعا مع مقدوريته تكوينا فيمكن أن يأتي المكلف بها ويأخذ بإطلاقها من جهة عدم تقييدها بكونها مقدورة، فلو كان مراده الصلاة المقدورة ولم يقيدها بذلك فقد نقض غرضه. و (ثانيا) - أنه ليس نقض الغرض من مقدمات الاطلاق، بل الاطلاق يتم بعد كونه بصدد بيان تمام مراده مع عدم التقييد فقط من دون احتياج إلى نقض الغرض إذ كونه بصدد بيان تمام مراده مع كون مراده المقيد ومع ذلك لم يقيد خلف و مناقضة، إذ معنى كونه بصدد بيان تمام مراده أنه في مقام ذكر جميع ماله دخل في مقصوده فلو كان مراده المقيد ولم يذكر المقيد الذي له دخل في مراده فقد ناقض ما كان بصدد بيانه. (وان شئت قلت) يلزم من عدم ذكره أنه لم يكن بصدد بيان تمام مراده وهذا عين الخلف لأنه خلاف المفروض، لأن المفروض هو انه كان بصدد بيان تمام مراده.