و (أما الثاني) أي عدم إمكان إحراز أنه بصدد بيان تمام ماله دخل في الملاك ففيه أن الاطلاق - تارة - يتمسك به لاستكشاف المراد فيحتاج إلى هذه المقدمة أي كونه بصدد بيان تمام مراده، وإلا لو كان في مقام الاهمال أو الاجمال فمن عدم التقييد لا يمكن استكشاف ان المراد مطلق، وتارة يتمسك به لاستكشاف الملاك، فلا يحتاج إلى هذه المقدمة بل من صرف عدم تقييد المتعلق في الرتبة السابقة على الامر يستكشف إطلاق الملاك لان تبعية إطلاق الملاك لاطلاق المتعلق في الرتبة السابقة على الامر وعدم تقييده تكوينية ومن قبيل العلة والمعلول فلا يمكن أن يتخلف إطلاق المتعلق - في تلك الرتبة - عن إطلاق الملاك، سواء كان بصدد بيان تمام ماله دخل في الملاك أو لم يكن إذا كان بصدد بيان تمام مراده.
وحاصل الكلام في هذا المقام هو أن الطلب ورد على الطبيعة غير المقيدة بالقدرة والطبيعة التي ورد عليها الطلب مطلقة، لما بينا من أن ما في رتبة نفس الطلب أو ما يكون متأخرا عنه لا يمكن أن يؤخذ في متعلق الطلب بما هو مورود الطلب والا يلزم ما قلنا من تقدم ما هو متأخر عن الشئ أو في رتبته على الشئ وهو خلف فلا محالة يكون مراد شيخنا الأستاذ (قده) من تقييد المتعلق والمطلوب بالقدرة تقييده في الرتبة المتأخرة عن الطلب بواسطة اقتضاء نفس الطلب أو بواسطة حكم العقل بقبح تكليف العاجز، والتقييد في تلك المرتبة لا ينافي الاطلاق في المرتبة السابقة الذي سميناه بإطلاق المادة. ونتيجة هذا التقييد هو عدم إلزام العقل بإتيان جميع الحصص سواء كانت مقدورة أو لا، بل يكون إلزامه فقط بالحصة المقدورة. وأيضا نتيجته عدم انطباق الطبيعة - بما هي مأمور بها ومطلوبة - على الحصة غير المقدورة وليست نتيجته تقييد المتعلق بالقدرة بما هو معروض الامر ومورود للطلب كيف يكون كذلك وهو خلف. فلا تنافي بين الجواب عن المحقق الثاني بأن الطبيعة المأمور بها - بما أنها مأمور بها ومطلوبة - لا تنطبق على الفرد المزاحم للواجب الفعلي لأنه غير مقدور شرعا والممتنع شرعا كالممتنع عقلا وبين وجود الملاك فيه، وذلك لاستكشافه فيه من