حكم بالتخيير في خصوص الخبرين المتعارضين وأما الحاكم بالتخيير في باب المتزاحمين فهو العقل لأنه يحكم بالتخيير عند تساوي الملاكين وعدم وجود مرجح في البين من مرجحات باب التزاحم. و أما مع المرجح فيحكم بتعيين ما فيه المرجح وسقوط الامر الاخر ان قلنا بامتناع الترتب، أو تقييد إطلاقه إن قلنا بإمكانه كما سيجئ الكلام فيه مفصلا إن شاء الله تعالى.
(الجهة الثالثة) - هي أن المرجحات في باب التعارض غير المرجحات في باب التزاحم فالمرجحات في باب التعارض أما في الروايتين المتعارضتين فهي ما جعلها الشارع مرجحا من المرجحات المنصوصة من حيث السند أو الجهة أو الدلالة أعني المتن وفي بعض الامارات الاخر المتعارضة كتعارض البينات أيضا مرجحات خاصة، وذلك كتقديم بينة الخارج على الداخل وبينة الاثبات على النفي وكتقديم البينة على اليد بناء على كون اليد حجة مرجوحة عند قيام البينة على خلافها لا أن تكون حجيته مشروطة بعدم قيام البينة على خلافها وفي سائر الامارات بأقوائية إحداهما من الأخرى من حيث الكشف وربما يكون تقديم إحداهما على الأخرى بجهات اخر مبينة مذكورة في الكتب الفقهية كما في تعارض اليد مع السوق مثلا.
وأما المرجحات في باب التزاحم فهي خمسة:
(الأول) - تقديم ما ليس له بدل على ماله بدل، سواء كانت بدلية البدل له عرضيا أو طوليا. ووجه ذلك أما بالنسبة إلى ماله البدل العرضي كما إذا كان ماله غير واف بأداء دينه وإطعام ستين مسكينا إذا كان عليه دين وكفارة مخيرة بين الخصال الثلاث، فهاهنا أداء الدين مقدم على إطعام ستين مسكينا لان التخيير يكون بين هذه الخصال الثلاث مثلا إذا كان كلها مقدورا للمكلف وإلا فلو كان بعضها غير مقدور تعين البعض الاخر ولا شك في أن إطعام الستين مسكينا يصير غير مقدور بواسطة وجوب أداء الدين لان الممتنع الشرعي كالممتنع العقلي فيتعين ما عداه من الخصال الثلاث، ولا يبقى موضوع للتخيير بالنسبة إلى الاطعام. وفي هذا البيان الذي ذكرناه جار في التخيير العقلي بطريق أولى لان المأمور به - في التخيير العقلي - هو