الاقتضاء - نهي مقدمي غيري لا يتغير متعلقه عما كان عليه من المصلحة والمحبوبية، فيمكن أن يقع عبادة ويتقرب به، وبناء على هذا يكون هذا البحث الطويل والعريض بلا ثمرة، لان عمدة ثمرة هذا البحث كانت هي بطلان العبادة بناء على الاقتضاء.
وقد عرفت عدم بطلانها حتى بناء على هذا القول (اللهم) إلا أن يقال:
ان النهي المولوي ولو كان غيريا تكون مخالفته هتك حرمة المولى وعصيانا له، فكيف يمكن أن يتقرب إليه بما هو هتك حرمته و يكون عصيانا له، إذ لا يطاع الله من حيث يعصى.
وهناك إشكال تقدم شطر من الكلام فيه، وهو أنه بعد تقييد متعلق الامر بالقدرة اما من جهة حكم العقل بقبح تكليف العاجز أو من جهة أن حقيقة الامر وماهيته عبارة عن البعث إلى أحد طرفي المقدور، فما ليس بمقدور لا يمكن أن يكون متعلقا للامر فالامر يتعلق قهرا بالحصة المقدورة من الطبيعة، فالحصة غير المقدورة خارجة عن تحت الامر لأحد الامرين وعلى كل حال. والمفروض أنه لا طريق لنا إلى استكشاف الملاك إلا تعلق الامر بها ففي الحصة التي منها وقعت تحت الامر أي المقدورة منها نستكشف الملاك بواسطة وجود الامر. وأما الحصة الخارجة عن تحت الامر فليس هناك شئ نستكشف وجود الملاك به.
وأجاب شيخنا الأستاذ (قده) عن هذه الشبهة: بأن هذا التقييد بأي شكل كان من الوجهين المتقدمين - أي سواء كان باقتضاء نفس الامر أو بواسطة قبح تكليف العاجز - لا يمكن ان يكون في الرتبة السابقة على الامر، لان هذا التقييد - على كل واحد من الوجهين - يأتي من قبل الامر ومتأخر عن نفس الامر أما بناء على اقتضاء نفس الامر مقدورية متعلقه فواضح، واما بناء على قبح تكليف العاجز عن الامتثال فلان هذا الحكم العقلي بواسطة وجود الامر وحينئذ فالتقييد الذي يحكم به العقل لمتعلق الامر يكون في الرتبة المتأخرة عن وجود الامر فالمتعلق - في الرتبة السابقة على الامر التي في تلك المرتبة له اقتضاء الامر ويطلب الامر بواسطة وجود الملاك فيه - مطلق غير مقيد بهذا القيد بل محال أن يكون كذلك لان كل ما يتأتى